عوامل وظروف القرار الاسرائيلي بعدم استهداف سورية في المرحلة الحالية ...قرار سوري حازم وحاسم بالرد الفوري القاسي
وجهت إسرائيل، وعبر قادتها في الفترة الأخيرة، العديد من الإتهامات إلى سورية بدعم حركات ومنظمات المقاومة الوطنية في كل من فلسطين ولبنان.. حتى ان أية عملية مقاومة ناجحة ضد الاحتلال تُحمّل مسؤوليتها لسورية وتُتهم بالوقوف وراءها أو صدور الأوامر بتنفيذها من قلب العاصمة دمشق.. وهذه الاتهامات تأتي ضمن نطاق سياسة ممارسة الضغط على سورية قدر الإمكان حتى تغير من مواقفها الشريفة الثابتة الداعمة للنضال المشروع التي أقرته الشرائع الدولية..
وعملية المقاومة الإسلامية النوعية في جنوب لبنان صباح الأربعاء الموافق 12 تموز 2006 والتي نجح من خلالها المقاومون في أسر جنديين إسرائيليين أثارت غضب القيادة الإسرائيلية التي اجتمعت في تل أبيب مساء نفس اليوم وقررت القيام بسلسلة عمليات عسكرية شاملة ضد لبنان وضد حزب الله.. وقررت في الوقت نفسه تفادي إشعال الجبهة السورية رغم ان التهديدات الإسرائيلية لسورية كانت عنيفة وشديدة في الأيام الأخيرة وخاصة عقب عملية مقاومي حماس في قطاع غزة يوم 25/6/2006 استطاعوا من خلالها أسر جندي إسرائيلي..
لماذا قررت إسرائيل التراجع عن تهديداتها لسورية في الوقت الحاضر حتى إنها سعت إلى التأكيد على عدم وجود أية نوايا حالية لاستهداف أي موقع داخل سورية؟
يقول مراقبون عديدون ان عوامل عدة لعبت دورا كبيرا في تراجع نغمة التهديدات الإسرائيلية لسورية ومن أهمها:
* لا يستطيع الجيش الإسرائيلي ان ينشغل في أكثر من جبهتين عسكريتين، فهو منهمك في شن عدوان على المقاومة الوطنية الفلسطينية في قطاع غزة، بالإضافة إلى عملياته العسكرية ضد لبنان وضد حزب الله.
* الجيش الإسرائيلي لا يعرف بالتحديد إلى أين ستصل المواجهة مع حزب الله إذ ان المعلومات حول مفاجآت القوة العسكرية للحزب غير معروفة كاملة، وان فتح جبهة جديدة قد يخفف من عبء الهجوم على حزب الله ويبقيه قويا..
وان هدف العمليات العسكرية الأساسي ليس إطلاق سراح الجنديين الأسيرين بل نزع سلاح المقاومة اللبنانية والسلاح الفلسطيني في المخيمات تحت شعار أو يافطة تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559. ولذلك يجب التركيز على تحقيق هذا الهدف.
* الموقف السوري الحازم الذي قال وبكل وضوح على لسان وزير الإعلام الدكتور محسن بلال ان أي اعتداء على سورية سيرد عليه فورا وبصورة قاسية.. وهناك شعور لدى القيادة الإسرائيلية بأن سورية لن تسكت الآن على أي استفزاز أو عدوان على أراضيها، ولذلك قررت إسرائيل عدم إعطاء سورية فرصة للرد وفتح جبهة جديدة مع إسرائيل.
* كذلك الموقف الإيراني الواضح الذي عبر عنه الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد حين قال ان الاعتداء على سورية هو اعتداء على إيران وسيواجه برد قاس وحازم... ومن هنا فان الخوف من إشعال الجبهة السورية قد يقحم إيران في الصراع، وقد يقحم الجبهة العراقية وبالتالي تتوسع دائرة الصدام وتصل إلى مستوى حرب إقليمية قاسية ومهلكة للجميع، وخاصة للجيش الأمريكي الذي يحاول الخروج من المستنقع العراقي بأقل ما يمكن الخسائر..
* الدوائر الأمنية الإسرائيلية والدولية حذرت من فتح جبهة مع سورية لان ذلك سيشجع القيادة السورية على فتح الحدود للمقاومة الوطنية والإسلامية للعمل ضد إسرائيل، وهذا يعني انتقال المقاومين العرب إلى سورية للمشاركة في هذه المقاومة.. وهكذا أجواء ستؤدي الى هيجان وثوران داخل الدول الأخرى المجاورة (الأردن ومصر) فقد تضطران تحت زخم الغضب الشعبي على تجميد اتفاقات السلم، وقد تضطران أو تجبران على فتح الحدود للمقاومين العرب.. وعندها لن يكون باستطاعة القوة العسكرية الاسرائيلية الهائلة من السيطرة على الوضع، ولا تستطيع أيضا استخدام طاقتها وقدراتها النووية والجوية ضد مقاومين ينتشرون على جميع الحدود الإسرائيلية مع العالم العربي.
* إذا تم فتح جبهة قتال على الجبهة السورية، فان ذلك سيعيد فتح ملف احتلال الجولان، وهذا بالتالي لا تريده القيادة الإسرائيلية لأنها لا تريد التنازل عن ارض محتلة، وتريد إبقاءها تحت هيمنتها وسيطرتها..
* العدوان الاسرائيلي على سورية قد يؤدي ايضا الى توحيد المواقف العربية، والى إثارة الغضب العربي ضد أميركا، التي لم تستعد بعد لهكذا مواجهة وخاصة ان قواتها في العراق في متناول الأسلحة الإيرانية.
القيادة الاسرائيلية وبعد دراسة العوامل العديدة التي ليست لصالحها في الفترة الحالية ارتأت تجنب تصعيد الوضع مع سورية، وارتأت ايضا ان تحصر وتصب كل جهودها ضد حزب الله في لبنان بكل ما أوتي لها من قوة حتى تحقق هدفها الأول والأخير وهو التخلص من هذه المقاومة المزعجة والمرعبة وحتى تثأر منها لأنها كانت وراء هزيمة الجيش الاسرائيلي وانسحابه من جنوب لبنان يوم 25 أيار 2000.
عدم استهداف سورية في الوقت الحاضر لا يعني الغاء او شطب او التخلي عن مواجهة سورية في المستقبل وخاصة اذا ما توفرت الظروف والمعطيات لصالح ذلك. فالعوامل الحالية ليست لصالح اسرائيل وهي تنتظر الأجواء والعوامل والظروف المناسبة التي تمكنها من ذلك.. لأنها تريد ان تضع أولاً حداً للمقاومة الوطنية ضد الاحتلال، وبدأت عملياتها ضد حزب الله ، فان نجحت ستكمل مشوارها لضرب من يدعم حزب الله وخاصة سورية وايران، وان فشلت فان على اسرائيل إيجاد استراتيجية جديدة للتعامل مع نتائج هذه المواجهة مع حزب الله. وعليها ان تعيد حساباتها جميعا.. وتفكر بالجهد السياسي بدلا من الجنوح الدائم لاستخدام قوتها العسكرية الهائلة لتحقيق أهدافها
المصدر: شام برس
موضوع: عوامل وظروف القرار الاسرائيلي بعدم استهداف سورية في المرحلة الحالية 
