منتديات قوصاد
أهلا وسهلا بك في منتديات قوصاد ، نتمنى لك قضاء أجمل الأوقات في جنبات المنتدى ، كما يشرفنا أن تسجل معنا وأن تكون عضوا في كوكبة المتميزين
منتديات قوصاد
أهلا وسهلا بك في منتديات قوصاد ، نتمنى لك قضاء أجمل الأوقات في جنبات المنتدى ، كما يشرفنا أن تسجل معنا وأن تكون عضوا في كوكبة المتميزين
منتديات قوصاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات قوصاد

حينما تفكر ... حتما ستبدع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 من قصص القرآن الكريم...

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 15424
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

من قصص القرآن الكريم... Empty
مُساهمةموضوع: من قصص القرآن الكريم...   من قصص القرآن الكريم... Empty24/10/2011, 10:14 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

قصةالمؤمن و الكافر



ورد ذكر القصة في سورة "الكهف"، بعد قصة أصحاب الكهف:

" وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا
جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا
بَيْنَهُمَا زَرْعًا كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ
تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا وَكَانَ لَهُ
ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ
مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ
قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ
قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا
مُنْقَلَبًا قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي
خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا
لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا وَلَوْلَا
إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا
بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِي أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا فَعَسَى
رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا
حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا أَوْ يُصْبِحَ
مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ
فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ
خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ
بِرَبِّي أَحَدًا وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ
اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ
هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا"

القصة:
قال بعض الناس: هذا مثل مضروب ولا يلزم أن يكون واقعا. والجمهور أنه أمر قد
وقع، وقوله:(( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا)) يعني لكفار قريش، في عدم
اجتماعهم بالضعفاء والفقراء وازدرائهم بهم، وافتخارهم عليهم كما قال
تعالى:(( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا
الْمُرْسَلُونَ)) كما قدمنا الكلام على قصتهم قبل قصة موسى، عليه السلام،
والمشهور أن هذين كانا رجلين مصطحبين، وكان أحدهما مؤمنا والآخر كافرا،
ويقال: إنه كان لكل منهما مال، فأنفق المؤمن ماله في طاعة الله ومرضاته
ابتغاء وجهه، وأما الكافر فإنه اتخذ له بستانين، وهما الجنتان المذكورتان
في الآية، على الصفة والنعت المذكور؛ فيهما أعناب ونخل تحف تلك الأعناب،
والزروع في خلال ذلك والأنهار سارحة ههنا وههنا للسقي والتنزه، وقد استوسقت
فيهما الثمار، واضطربت فيهما الأنهار وابتهجت الزروع والثمار وافتخر
مالكهما على صاحبه المؤمن الفقير قائلا له:
((أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا أي))؛ وأمنع جنابا.
ومراده أنه خير منه، ومعناه، ماذا أغنى عنك إنفاقك ما كنت تملكه في الوجه
الذي صرفته فيه؟ كان الأولى بك أن تفعل كما فعلت لتكون مثلي. فافتخر على
صاحبه(( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ)) أي؛ وهو على غير
طريقة مرضية قَالَ ((مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا))
وذلك لما رأى من اتساع أرضها، وكثرة مائها وحسن نبات أشجارها؛ ولو قد بادت
كل واحدة من هذه الأشجار لاستخلف مكانها أحسن منها، وزروعها دارة لكثرة
مياهها. ثم قال:
((وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً)) فوثق بزهرة الحياة الدنيا
الفانية، وكذب بوجود الآخرة الباقية الدائمة، ثم قال: ((وَلَئِنْ رُدِدْتُ
إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا))
أي؛ ولئن كان ثم آخرة ومعاد فلأجدن هناك خيرا من هذا. وذلك لأنه اغتر
بدنياه، واعتقد أن الله لم يعطه ذلك فيها إلا لحبه له وحظوته عنده، كما قال
العاص بن وائل فيما قص الله من خبره وخبر خباب بن الأرت
في قوله:
(( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا
وَوَلَدًا أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا
وقال تعالى إخبارا عن الإنسان إذا أنعم الله عليه لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي
وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ
لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى))
قال الله تعالى:
((فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ
مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ وقال قارون إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي
أي لعلم الله في أني أستحقه))
قال الله تعالى:
((أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ
الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا
يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ وقد قدمنا الكلام على قصته في
أثناء قصة موسى. وقال تعالى: وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ
بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ
صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي
الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ))
وقال تعالى:
(( أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ
نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ))
ولما اغتر هذا الجاهل بما خوله الله به في الدنيا، فجحد الآخرة وادعى أنها
إن وجدت ليجدن عند ربه خيرا مما هو فيه، وسمعه صاحبه يقول ذلك قَالَ لَهُ
صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أي؛ يجادله ((أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ
مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا))
أي: أجحدت المعاد وأنت تعلم أن الله خلقك من تراب، ثم من نطفة ثم صورك
أطوارا حتى صرت رجلا سويا سميعا بصيرا، تعلم وتبطش وتفهم، فكيف أنكرت
المعاد والله قادر على البداءة(( لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي)) أي؛ لكن
أنا أقول بخلاف ما قلت وأعتقد خلاف معتقدك(( هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا
أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا أي))؛ لا أعبد سواه، واعتقد أنه يبعث الأجساد
بعد فنائها
ويعيد الأموات ويجمع العظام الرفات، وأعلم أن الله لا شريك له في خلقه ولا
في ملكه ولا إله غيره، ثم أرشده إلى ما كان الأولى به أن يسلكه عند دخول
جنته فقال:
(( وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا
قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه((ِ ولهذا يستحب لكل من أعجبه شيء من ماله أو أهله
أو حاله أن يقول كذلك.


وقد ورد فيه حديث مرفوع، في صحته نظر؛ قال أبو يعلى الموصلي: حدثنا جراح بن
مخلد حدثنا عمر بن يونس، حدثنا عيسى بن عون حدثنا عبد الملك بن زرارة، عن
أنس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنعم الله على عبد نعمة؛ من أهل أو
مال أو ولد فيقول:(( ما شاء الله لا قوة إلا بالله))
فيرى فيه آفة دون الموت وكان يتأول هذه الآية: وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ
جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قال
الحافظ أبو الفتح الأزدي: عيسى بن عون، عن عبد الملك بن زرارة، عن أنس، لا
يصح.


ثم قال المؤمن للكافر:
((فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ))
أي؛ في الدار الآخرة ((وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ ))
قال ابن عباس والضحاك وقتادة: أي؛ عذابا من السماء. والظاهر أنه المطر
المزعج الباهر، الذي يقتلع زروعها وأشجارها ((فَتُصْبِحَ صَعِيدًا
زَلَقًا))
وهو التراب الأملس الذي لا نبات فيه ((أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا))
وهو ضد المعين السارح ((فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا))
يعني، فلا تقدر على استرجاعه. قال الله تعالى:
(( وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ))
أي؛ جاءه أمر أحاط بجميع حواصله وخرب جنته ودمرها(( فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ
كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ))
أي؛ خربت بالكلية،
فلا عودة لها، وذلك ضد ما كان عليه أمل حيث قال:
(( مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا ))وندم على ما كان سلف منه من القول الذي كفر بسببه بالله العظيم، فهو يقول:
(( يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا)) قال الله تعالى:

(( وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا ))
هُنَالِكَ أي؛ لم يكن له أحد يتدارك ما فرط من أمره، وما كان له قدرة في نفسه على شيء من ذلك، كما قال تعالى:
(( فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِر))ٍ و قوله :
(( الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ))
ومنهم من يبتدىء بقوله:
(( هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ))وهو حسن أيضا، كقوله:
(( الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ))
فالحكم الذي لا يرد ولا يمانع ولا يغالب -في تلك الحال وفي كل حال- لله الحق. ومنهم من رفع الحق جعله صفة ل الولاية وهما متلازمتان.
وقوله:
(( هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ))
أي؛ معاملته خير لصاحبها ثوابا، وهو الجزاء، وخير عقبا؛ وهو العاقبة في الدنيا والآخرة.

وهذه القصة تضمنت أنه لا ينبغي لأحد أن يركن إلى الحياة الدنيا، ولا يغتر
بها، ولا يثق بها، بل يجعل طاعة الله والتوكل عليه في كل حال نصب عينيه،
وليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده. وفيها، أن من قدم شيئا على طاعة
الله والإنفاق في سبيله، عذب به، وربما سلب منه؛ معاملة له بنقيض قصده.
وفيها، أن الواجب قبول نصيحة الأخ المشفق، وأن مخالفته وبال ودمار على من
رد النصيحة الصحيحة. وفيها، أن الندامه لا تنفع إذا حان القدر، ونفذ الأمر
الحتم. بالله المستعان وعليه التكلان.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 15424
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

من قصص القرآن الكريم... Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص القرآن الكريم...   من قصص القرآن الكريم... Empty24/10/2011, 10:16 am



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

قصة الملكين هاروت و ماروت



ورد ذكر القصة في سورة البقرة
قال الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ
سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا
يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ
بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى
يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ
مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ
بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا
يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا
لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ
لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102].

القصة:
والقصة: أن اليهود نبذوا كتاب الله واتبعوا كتب السحرة والشعوذة التي
كانت تُقْرَأ في زمن ملك سليمان عليه السلام. وذلك أن الشياطين كانوا
يسترقون السمع ثم يضمون إلى ما سمعوا أكاذيب يلفقونها ويلقونها إلى الكهنة،
وقد دونوها في كتب يقرؤونها ويعلمونها الناس وفشا ذلك في زمان سليمان عليه
السلام، حتى قالوا إن الجن تعلم الغيب، وكانوا يقولون هذا علم سليمان عليه
السلام، وما تمَّ لسليمان ملكه إلا بهذا العلم وبه سخر الجن والإنس والطير
والريح، فأنزل الله هذين الملكين هاروت وماروت لتعليم الناس السحر ابتلاءً
من الله وللتمييز بين السحر والمعجزة وظهور الفرق بين كلام الأنبياء عليهم
السلام وبين كلام السحرة.

وما يُعلِّم هاروت وماروت من أحدٍ حتى ينصحاه، ويقولا له إنما نحن
ابتلاء من الله، فمن تعلم منا السحر واعتقده وعمل به كفر، ومن تعلَّم
وتوقَّى عمله ثبت على الإيمان.

فيتعلم الناس من هاروت وماروت علم السحر الذي يكون سبباً في التفريق
بين الزوجين، بأن يخلق الله تعالى عند ذلك النفرة والخلاف بين الزوجين،
ولكن لا يستطيعون أن يضروا بالسحر أحداً إلا بإذن الله تعالى، لأن السحر من
الأسباب التي لا تؤثر بنفسها بل بأمره تعالى ومشيئته وخلقه.

فيتعلم الناس الذي يضرهم ولا ينفعهم في الآخرة لأنهم سخروا هذا العلم لمضرة الأشخاص.

ولقد علم اليهود أن من استبدل الذي تتلوه الشياطين من كتاب الله ليس له نصيب من الجنة في الآخرة، فبئس هذا العمل الذي فعلوه.

والخلاصة: أن الله تعالى إنما أنزلهما ليحصل بسبب إرشادهما الفرق بين
الحق الذي جاء به سليمان وأتم له الله به ملكه، وبين الباطل الذي جاءت
الكهنة به من السحر، ليفرق بين المعجزة والسحر.

وإن ورد غير ذلك في شأن هذه القصة فلا يبعد أن يكون من الروايات الإسرائيلية.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 15424
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

من قصص القرآن الكريم... Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص القرآن الكريم...   من قصص القرآن الكريم... Empty24/10/2011, 10:18 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

مائدة عيسى عليه السلام



ورد ذكر القصة في سورة المائدة الآيات112-115.
((إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ
رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ
اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ
نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ
صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى
ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ
السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ
وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ إِنِّي
مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي
أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (115)
القصة:
ذكر الله تبارك وتعالى سورة المائدة وحيا على رسوله صلى الله عليه وسلم
وسميت هذه السورة سورة المائدة لأنها تتضمن قصة المائدة التي أنزلها الله
تعالى من السماء عندما سأله عيسى ابن مريم عليه السلام إنزالها من السماء
كما طلب منه ذلك اصحابه وتلاميذه الحواريون، ومضمون خبر وقصة هذه المائدة
ان عيسى عليه السلام أمر الحواريون بصيام ثلاثين يوما فلما أتموها سألوا
عيسى عليه السلام إنزال مائدة من السماء عليهم ليأكلوا منها وتطمئن بذلك
قلوبهم أن الله تعالى قد قبل صيامهم وتكون لهم عيدًا يفطرون عليها يوم
فطرهم، ولكن عيسى عليه السلام وعظهم في ذلك وخاف عليهم ألا يقوموا بشكرها،
فأبوا عليه إلا أن يسأل لهم ذلك، فلما ألحوا عليه أخذ يتضرع إلى الله تعالى
في الدعاء والسؤال أن يجابوا إلى ما طلبوا فاستجاب الله عزوجل دعاءه فأنزل
سبحانه المائدة من السماء والناس ينظرون إليها تنحدر بين غمامتين، وجعلت
تدنو قليلا قليلا وكالما دنت منهم يسأل عيسى عليه السلام أن يجعلها رحمة لا
نقمة وأن يجعلها سلامًا وبركة، فلم تزل تدنو حتى استقرت بين يدي عيسى عليه
السلام وهي مغطاة بمنديل، فقام عيسى عليه السلام يكشف عنها وهو يقول ((
بسم الله خير الرازقين)) فإذا عليها من الطعام سبعة من الحيتان وسبعة أرغفة
وقيل: كان عليها خل ورمان وثمار ولها رائحة عظيمة جدًا، ثم امرهم عيسى
عليه السلام بالأكل منها أمر عليه السلام الفقراء والمحاويج والمرضى وأصحاب
العاهات وكانوا قريبًا من الألف وثلاثمائة أن يأكلوا من هذه المائدة،
فأكلوا منها فبرأ كل من به عاهة أو آفة أو مرض مزمن واستغنى الفقراء وصاروا
أغنياء فندم الناس الذين لم يأكلوا منها لما رأوا من إصلاح حال اولئك
الذين أكلوا ثم صعدت المائدة وهم ينظرون إليها حتى توارت عن اعينهم، وقيل:
إن هذه المائدة كانت تنزل كل يوم مرة فيأكل الناس منها، فيأكل آخرهم كما
ياكل أولهم حتى قيل: إنه كان ياكل منها كل يوم سبعة آلاف شخص.

ثم أمر الله تعالى أن يقصرها على الفقراء دون الاغنياء، فشق ذلك على كثير
من الناس وتكلم منافقوهم في ذلك فرفعت ومُسخ الذين تكلموا في ذلك من
المنافقين خنازير



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 15424
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

من قصص القرآن الكريم... Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص القرآن الكريم...   من قصص القرآن الكريم... Empty24/10/2011, 10:20 am


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



قصة لقمان



ورد ذكر القصة في سورةلقمان الآيات 12-19.

قال تعالى:(( وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ
لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ
فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ
يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ
عَظِيمٌ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ
وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي
وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ
بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي
الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ
إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يَا
بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي
صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ
إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ
بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ
إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ
وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ
مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ
أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ))

القصة:

هو لقمان بن عنقاء بن سدون ويقال لقمان بن ثاران حكاه السهيلي عن ابن جرير والقتيبي .
قال السهيلي : وكان نوبيا من أهل أيلة قلت وكان رجلا صالحا ذا عبادة وعبارة
، وحكمة عظيمة ويقال : كان قاضيا في زمن داود عليه السلام فالله أعلم .
وقال سفيان الثوري عن الأشعث عن عكرمة عن ابن عباس قال : كان عبدا حبشيا
نجارا وقال قتادة : عن عبد الله بن الزبير قلت لجابر بن عبد الله : ما
انتهى إليكم في شأن لقمان قال كان قصيرا أفطس من النوبة .
وقال يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب قال : كان لقمان من سودان مصر ذو مشافر أعطاه الله الحكمة ومنعه النبوة.


وقال الأوزاعي : حدثني عبد الرحمن بن حرملة قال : جاء أسود إلى سعيد بن
المسيب يسأله فقال له سعيد : لا تحزن من أجل أنك أسود ، فإنه كان من أخير
الناس ثلاثة من السودان بلال ومهجع مولى عمر ولقمان الحكيم كان أسود نوبيا
ذا مشافر .

وقال الأعمش عن مجاهد كان لقمان عبدا أسود عظيم الشفتين مشقق القدمين وفي
رواية مصفح القدمين وقال : عمر بن قيس كان عبدا أسود غليظ الشفتين مصفح
القدمين فأتاه رجل وهو في مجلس أناس يحدثهم فقال له : ألست الذي كنت ترعى
معي الغنم في مكان كذا وكذا ؟

قال : نعم ,قال : فما بلغ بك ما أرى ؟ قال : صدق الحديث
، والصمت عما لا يعنيني رواه ابن جرير عن ابن حميد عن الحكم عنه به .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة حدثنا صفوان حدثنا الوليد حدثنا عبد
الرحمن بن أبي يزيد بن جابر قال : إن الله رفع لقمان الحكيم لحكمته فرآه
رجل كان يعرفه قبل ذلك فقال : ألست عبد بن فلان الذي كنت ترعى غنمي بالأمس
قال : بلى قال : فما بلغ بك ما أرى ؟ قال : قدر الله وأداء الأمانة وصدق
الحديث وترك ما لا يعنيني .

وقال ابن وهب أخبرني عبد الله بن عياش القتباني عن عمر مولى غفرة قال : وقف
رجل على لقمان الحكيم فقال : أنت لقمان أنت عبد بني الحسحاس قال : نعم قال
: فأنت راعي الغنم الأسود قال : أما سوادي فظاهر فما الذي يعجبك من امرئ
قال : وطء الناس بساطك وغشيهم بابك ورضاهم بقولك قال : يا ابن أخي إن صنعت
ما أقول لك كنت كذلك قال : ما هو ؟ قال لقمان : غضي بصري ، وكفي لساني ،
وعفة مطمعي وحفظي فرجي وقيامي بعدتي ووفائي بعهدي وتكرمتي ضيفي وحفظي جاري
وتركي ما لا يعنيني فذاك الذي صيرني كما ترى.

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا ابن نفيل حدثنا عمرو بن واقد عن عبدة
بن رباح عن ربيعة عن أبي الدرداء أنه قال يوما ، وذكر لقمان الحكيم فقال :
ما أوتي عن أهل ولا مال ولا حسب ولا خصال ، ولكنه كان رجلا صمصامة سكيتا
طويل التفكر عميق النظر لم ينم نهارا قط ولم يره أحد يبزق ، ولا يتنحنح ،
ولا يبول ولا يتغوط ولا يغتسل ، ولا يعبث ، ولا يضحك ، وكان لا يعيد منطقا
نطقه إلا أن يقول حكمة يستعيدها إياه أحد وكان قد تزوج وولد له أولاد ،
فماتوا فلم يبك عليهم وكان يغشى السلطان ، ويأتي الحكام لينظر ويتفكر
ويعتبر فبذلك أوتي ما أوتي ومنهم من زعم أنه عرضت عليه النبوة فخاف أن لا
يقوم بأعبائها فاختار الحكمة لأنها أسهل عليه وفي هذا نظر والله أعلم وهذا
مروي عن قتادة كما سنذكره وروى ابن أبي حاتم و ابن جرير من طريق وكيع عن
إسرائيل عن جابر الجعفي عن عكرمة أنه قال : كان لقمان نبيا وهذا ضعيف لحال
الجعفي.


والمشهور عن الجمهور أنه كان حكيما وليا ولم يكن نبيا وقد ذكره الله تعالى
في القرآن فأثنى عليه وحكى من كلامه فيما وعظ به ولده الذي هو أحب الخلق
إليه ، وهو أشفق الناس عليه فكان من أول ما وعظ به أن قال(( يَا بُنَيَّ
لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)) فنهاه عنه
وحذره منه.
وقد قال البخاري : حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة
عن عبد الله قال لما نزلت " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " شق ذلك
على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أينا لم يلبس إيمانه بظلم
؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه ليس بذاك ألم تسمع إلى قول
لقمان ؟ " يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم " ورواه مسلم من حديث
سليمان بن مهران الأعمش به ثم اعترض تعالى بالوصية بالوالدين وبيان حقهما
على الولد وتأكده وأمر بالإحسان إليهما حتى ولو كانا مشركين ولكن لا يطاعان
على الدخول في دينهما إلى أن قال مخبرا عن لقمان فيما وعظ به ولده

((يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ
فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ
بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ))

ينهاه عن ظلم الناس ولو بحبة خردل فإن الله يسأل عنها ويحضرها حوزة الحساب ويضعها في الميزان كما قال تعالى

((إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وقال تعالى وَنَضَعُ
الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ
شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا
وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ))

وأخبره أن هذا الظلم لو كان في الحقارة كالخردلة ولو كان في جوف صخرة صماء
لا باب لها ، ولا كوة أو لو كانت ساقطة في شيء من ظلمات الأرض أو السماوات
في اتساعهما وامتداد أرجائهما لعلم الله مكانها

((إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)) أي علمه دقيق فلا يخفى عليه الذر مما
تراءى للنواظر أو توارى كما قال تعالى(( وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ
إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ
وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ وقال وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي
السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ وقال عَالِمِ الْغَيْبِ
لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي
الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ
مُبِينٍ ))


وقد زعم السدي في خبره عن الصحابة أن المراد بهذه الصخرة الصخرة التي تحت
الأرضين السبع وهكذا حكي عن عطية العوفي وأبي مالك والثوري والمنهال بن
عمرو وغيرهم وفي صحة هذا القول من أصله نظر ثم في أن هذا هو المراد نظر آخر
فإن هذه الآية نكرة غير معرفة فلو كان المراد بها ما قالوه لقال : فتكن في
الصخرة وإنما المراد فتكن في صخرة أي صخرة كانت كما قال الإمام أحمد حدثنا
حسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس
لها باب ولا كوة لخرج عمله للناس كائنا ما كان ثم قال(( يَا بُنَيَّ أَقِمِ
الصَّلَاةَ)) أي أدها بجميع واجباتها من حدودها وأوقاتها وركوعها وسجودها
وطمأنينتها وخشوعها وما شرع فيها واجتنب ما نهي عنه فيها ثم قال(( وَأْمُرْ
بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ)) أي بجهدك وطاقتك أي إن استطعت
باليد فباليد وإلا فبلسانك فإن لم تستطع فبقلبك ثم أمره بالصبر فقال
وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ وذلك أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر
في مظنة أن يعادى وينال منه ولكن له العاقبة ولهذا أمره بالصبر على ذلك
ومعلوم أن عاقبة الصبر الفرج وقوله ((إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ
الْأُمُورِ)) التي لا بد منها ولا محيد عنها وقوله ((وَلَا تُصَعِّرْ
خَدَّكَ لِلنَّاسِ)) قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك
ويزيد بن الأصم وأبو الجوزاء وغير واحد : معناه لا تتكبر على الناس وتميل
خدك حال كلامك لهم وكلامهم لك على وجه التكبر عليهم والازدراء لهم قال أهل
اللغة : وأصل الصعر داء يأخذه الإبل في أعناقها فتلتوي رؤوسها فشبه به
الرجل المتكبر الذي يميل وجهه إذا كلم الناس أو كلموه على وجه التعظم
عليهم.


وقوله(( وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ
كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)) ينهاه عن التبختر في المشية على وجه العظمة
والفخر على الناس كما قال تعالى(( وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا
إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا)) يعني
: لست بسرعة مشيك تقطع البلاد في مشيتك هذه ، ولست بدقك الأرض برجلك تخرق
الأرض بوطئك عليها ولست بتشامخك وتعاظمك وترفعك تبلغ الجبال طولا فاتئد على
نفسك فلست تعدو قدرك .
وقد ثبت في الحديث بينما رجل يمشي في برديه يتبختر فيهما إذ خسف الله به
الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة وفي الحديث الآخر إياك وإسبال
الإزار فإنها من المخيلة والمخيلة لا يحبها الله .
كما قال في هذه الآية(( إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ
فَخُورٍ)) ولما نهاه عن الاختيال في المشي أمره بالقصد فيه فإنه لابد له أن
يمشي فنهاه عن الشر ، وأمره بالخير فقال(( وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ)) أي لا
تبتاطأ مفرطا ولا تسرع إسراعا مفرطا ولكن بين ذلك قواما كما قال تعالى
((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا
وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)) ثم قال(( وَاغْضُضْ
مِنْ صَوْتِكَ)) يعني : إذا تكلمت لا تتكلف رفع صوتك ، فإن أرفع الأصوات ،
وأنكرها صوت الحمير.


وقد ثبت في الصحيحين الأمر بالاستعاذة عند سماع صوت الحمير بالليل فإنها
رأت شيطانا ولهذا نهي عن رفع الصوت حيث لا حاجة إليه ولا سيما عند العطاس
فيستحب خفض الصوت وتخمير الوجه كما ثبت به الحديث من صنيع رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فأما رفع الصوت بالأذان وعند الدعاء إلى الفئة للقتال
وعند الإهلال ونحو ذلك فذلك مشروع فهذا مما قصه الله تعالى عن لقمان عليه
السلام في القرآن من الحكم ، والمواعظ ، والوصايا النافعة الجامعة للخير
المانعة من الشر وقد وردت آثار كثيرة في أخباره ومواعظه ، وقد كان له كتاب
يؤثر عنه يسمى بحكمة لقمان ونحن نذكر من ذلك ما تيسر إن شاء الله تعالى.
قال الإمام أحمد :
حدثنا علي بن إسحاق أنبأنا ابن المبارك أنبأنا سفيان أخبرني نهشل بن مجمع
الضبي عن قزعة عن ابن عمر قال أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن
لقمان الحكيم كان يقول إن الله إذا استودع شيئا حفظه وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن موسى بن سليمان عن
القاسم بن مخيمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال لقمان لابنه
وهو يعظه يا بني إياك والتقنع فإنه مخوفة بالليل مذلة بالنهار . .


وقال أيضا : حدثنا أبي حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا ضمرة حدثنا السري بن يحيى
قال لقمان لابنه : يا بني إن الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك وحدثنا
أبي حدثنا عبدة بن سليمان أنبأنا ابن المبارك أنبأنا عبد الرحمن المسعودي
عن عون بن عبد الله قال : قال لقمان لابنه : يا بني إذا أتيت نادي قوم
فارمهم بسهم الإسلام - يعني السلام - ثم اجلس في ناحيتهم فلا تنطق حتى
تراهم قد نطقوا ، فإن أفاضوا في ذكر الله فأجل سهمك معهم وإن أفاضوا في غير
ذلك فتحول عنهم إلى غيرهم وحدثنا أبي حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا ضمرة عن
حفص بن عمر قال : وضع لقمان جرابا من خردل إلى جانبه وجعل يعظ ابنه وعظة
ويخرج خردلة حتى نفد الخردل فقال : يا بني لقد وعظتك موعظة لو وعظها جبل
تفطر قال : فتفطر ابنه.

وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا يحيى بن عبد الباقي المصيصي حدثنا أحمد
بن عبد الرحمن الحراني حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي حدثنا أبين بن
سفيان المقدسي عن خليفة بن سلام عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذوا السودان فإن ثلاثة منهم من سادات أهل
الجنة لقمان الحكيم والنجاشي وبلال المؤذن قال الطبراني : يعني الحبشي ،
وهذا حديث غريب منكر.


وقد ذكر له الإمام أحمد ترجمة في كتاب الزهد ذكر فيها فوائد مهمة وفرائد
جمة فقال : حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن رجل عن مجاهد وَلَقَدْ آتَيْنَا
لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ قال : الفقه والإصابة في غير نبوة وكذا روي عن وهب
بن منبه.


وحدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أشعث عن عكرمة عن ابن عباس قال : كان لقمان عبدا حبشيا.
وحدثنا أسود حدثنا حماد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب أن لقمان كان خياطا.


وحدثنا سيار حدثنا جعفر حدثنا مالك يعني ابن دينار قال : قال لقمان لابنه : يا بني اتخذ طاعة الله تجارة تأتك الأرباح من غير بضاعة.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 15424
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

من قصص القرآن الكريم... Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص القرآن الكريم...   من قصص القرآن الكريم... Empty24/10/2011, 10:22 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

أصحاب الجنة



ورد ذكر القصة في سورة القلم . آية ( 17 - 33 ) .
قال الله تعالى:
(( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ
أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ
عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ
كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ
كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَنْ لَا
يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ
قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ
مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا
تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا
إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا
إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ
الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ))

وهذا مثل ضربه الله لكفار قريش، فيما أنعم به عليهم من إرسال الرسول العظيم الكريم إليهم، فقابلوه بالتكذيب والمخالفة،
كما قال تعالى:
(( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا
وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ
الْقَرَار ))

القصة:
قال إبن عباس:
إنه كان شيخ كانت له جنة، وكان لا يدخل بيته ثمرة منها ولا إلى منزله حتى
يعطي كل ذي حق حقه. فلما قبض الشيخ وورثه بنوه -وكان له خمسة من البنين-
فحملت جنتهم في تلك السنة التي هلك فيها أبوهم حملا لم يكن حملته من قبل
ذلك، فراح الفتية إلى جنتهم بعد صلاة العصر,
فأشرفوا على ثمرة ورزق فاضل لم يعاينوا مثله في حياة أبيهم. فلما نظروا إلى
الفضل طغوا وبغوا، وقال بعضهم لبعض: إن أبانا كان شيخا كبيرا قد ذهب عقله
وخرف، فهلموا نتعاهد ونتعاقد فيما بيننا أن لا نعطي أحدا من فقراء المسلمين
في عامنا هذا شيئا، حتى نستغني وتكثر أموالنا، ثم نستأنف الصنعة فيما
يستقبل من السنين المقبلة. فرضي بذلك منهم أربعة، وسخط الخامس وهو الذي قال
تعالى: (قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون).


فقال لهم أوسطهم: إتقوا الله وكونوا على منهاج أبيكم تسلموا وتغنموا،
فبطشوا به، فضربوه ضربا مبرحا. فلما أيقن الأخ أنهم يريدون قتله دخل معهم
في مشورتهم كارها لأمرهم، غير طائع، فراحوا إلى منازلهم ثم حلفوا بالله أن
يصرموه إذا أصبحوا، ولم يقولوا إن شاء الله.فإبتلاهم الله بذلك الذنب، وحال
بينهم وبين ذلك الرزق الذي كانوا أشرفوا عليه. [تفسير القمي،ج2،ص381].

إنها سنة إلهية:
ولعل في القصة إشارة إلى أن الله تعالى أجرى نفس السنة على المترفين أو
طالهم منه شيء من العذاب في الدنيا. وفي رواية أبي الجارود عن الإمام
الباقر تأكيد لذلك، اذ قال: (إن اهل مكة أبتلوا بالجوع كما أبتلي أصحاب
الجنة).

فهذه السنة تنطبق على كل من تشمل الآيات التالية: (ولا تطع كل حلاف مهين*
هماز مشاء بنميم* مناع للخير معتد أثيم* عتل بعد ذلك زنيم* أن كان ذا مال
وبنين* إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين* سنسمه على الخرطوم)
[القلم/ 10-16].

بعد ذلك يقول ربنا عزوجل: (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمونها مصبحين ولا يستثنون).

أي إختبرناهم بالثروة بمثل ما إختبرنا أصحاب المزرعة. ومادامت السنن
الإلهية في الحياة واحدة، فيجب إذن أن يعتبر الإنسان بالآخرين، سواء
المعاصرين له أو الذين سبقوه، وأن يعيش في الحياة كتلميذ، لأنها مدرسة
وأحداثها خير معلم لمن أراد وألقى السمع وأعمل الفكر وهو
شهيد.

بهذه الهدفية يجب أن نطالع القصص ونقرأ التاريخ. فهذه قصة أصحاب الجنة
يعرضها الوحي لتكون أحداثها ودروسها موعظة وعبرة للإنسانية.
ومن الملفت للنظر، إن القرآن في عرضه لهذه القصة لا يحدثنا عن الموقع
الجغرافي للجنة، هل كانت في اليمن أو في الحبشة، ولا عن مساحتها ونوع
الثمرة التي أقسم أصحابها على صرمها.. لأن هذه الأمور ليست بذات أهمية في
منهج الوحي، إنما المهم المواقف والمواعظ والأحداث لمعبرة، سواء فصل العرض
أو إختصر.


ومكروا ومكر الله:
فأشار القرآن إلى أنهم كيف أقسموا على قطف ثمار مزرعتهم دون إعطاء الفقراء
شيئا منها، وتعاهدوا على ذلك. ولكن هل فلحوا في أمرهم؟ كلا..
(فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم).

إن الله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، ما كان ليغفل عن تدبير خلقه، وإجراء
سننه في الحياة. فقد أراد أن يجعل آية تهديهم إلى الإيمان به والتسليم
لأوامره بالإنفاق على المساكين وإعطاء كل ذي حق حقه.. وأن يعلم الإنسان بأن
الجزاء حقيقة واقعية، وإنه نتيجة عمله.

وهكذا يواجه مكر الله مكر الإنسان، فيدعه هباء منثورا، (ومكروا ومكر الله
والله خير الماكرين). وإذا إستطاعوا أن يخفوا مكرهم عن المساكين، فهل
إستطاعوا أن يخفوه عن عالم الغيب والشهادة؟ كلا.. وقد أرسل الله تعالى
طائفة ليثبت لهم هذه الحقيقة:
(فتنادوا مصبحين* أن أغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين* فإنطلقوا وهم
يتخافتون* ان لايدخلنها اليوم عليكم مسكين* وغدوا على حرد قادرين* فلما
رأوها قالوا إنا لضالون* بل نحن محرومون) [القلم/ 21-27].
في تلك اللحظة الحرجة إهتدوا إلى ان الحرمان الحقيقي ليس قلة المال والجاه،
وإنما الحرمان والمسكنة قلة الإيمان والمعرفة بالله.
وهكذا أصبح هذا الحادث المريع بمثابة صدمة قوية أيقظتهم من نومة الضلال
والحرمان، وصار بداية لرحلة العروج في آفاق التوبة والإنابة، والتي أولها
إكتشاف الإنسان خطئه في الحياة.

ومن هنا نهتدي إلى أن من أهم الحكم التي وراء أخذ الله الناس بالبأساء
والضراء وألوان من العذاب في الدنيا، هو تصحيح مسيرة الإنسان بإحياء ضميره
وإستثارة عقله من خلال ذلك، كما قال ربنا عزوجل: (فأخذناهم بالبأساء
والضراء لعلهم يتضرعون).

قصة تستحق التأمل:
فما أحوجنا أن نتأمل قصة هؤلاء الأخوة الذين إعتبروا بآيات الله، وراجعوا
أنفسهم بحثا عن الحقيقة لما رأوا جنتهم وقد أصبحت كالصريم، فنغير من أنفسنا
ليغير الله ما نحن فيه. إذ ما أشبه تلك الجنة وقد طاف عليها طائف من الله
بحضارتنا التي صرمتها عوامل الإنحطاط وال
تخلف ولو أنهم إستمعوا إلى نداء المصلحين لما أبتلوا بتلك النهاية المريعة.
وهكذا كل أمة لا تفلح إلا إذا عرفت قيمة المصلحين، فإستمعت إلى نصائحهم،
وإستجابت لبلاغهم وإنذارهم.

لهذا الدور تصدى أوسط اصحاب الجنة، فعارضهم في البداية حينما أزمعوا
وأجمعوا على الخطيئة، وذكرهم لما أصابهم عذاب الله بالحق، وحملهم كامل
المسؤولية، وإستفاد من الصدمة التي أصابتهم في إرشادهم إلى العلاج الناجع.

(قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون) من هذا الموقف نهتدي إلى بصيرة هامة
ينبغي لطلائع التغيير الحضاري ورجال الإصلاح أن يدركوها ويأخذوا بها في
تحركهم إلى ذلك الهدف العظيم، وهي: إن المجتمعات والأمم حينما تضل عن الحق
وتتبع النظم البشرية المنحرفة، تصير إلى
الحرمان، وتحدث في داخلها هزة عنيفة (صحوة) ذات وجهين، أحدهما القناعة بخطأ
المسيرة السابقة، والآخر البحث عن المنهج الصالح. وهذه خير فرصة لهم
يعرضوا فيها الرؤى والأفكار الرسالية، ويوجهوا الناس اليها.
من هذه الفرصة إستفاد أوسط اصحاب الجنة، بحيث حذر أخوته من أخطائهم،
وأرشدهم إلى سبيل الصواب.
(قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين* فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون* قالوا
ياويلنا إنا كنا طاغين* عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا
راغبون).

وقصة هؤلاء شبيه بقوله تعالى:
((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً
يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ
اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا
يَصْنَعُونَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ
فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ))

قيل: هذا مثل مضروب لأهل مكة . وقيل: هم أهل مكة أنفسهم، ضربهم مثلا لأنفسهم. ولا ينافي ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 15424
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

من قصص القرآن الكريم... Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص القرآن الكريم...   من قصص القرآن الكريم... Empty24/10/2011, 10:23 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

قصة بقرة بنى إسرائيل



ورد ذكر القصة في سورة البقرة الآيات 67-73.
قال الله تعالى:(( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ
يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا
قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالُوا ادْعُ
لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا
بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا
تُؤْمَرُونَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا
قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا
تَسُرُّ النَّاظِرِينَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا
هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ
لَمُهْتَدُونَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ
تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا
قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ
وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا
كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي
اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ))

القصة:
مكث موسى في قومه يدعوهم إلى الله. ويبدو أن نفوسهم كانت ملتوية بشكل لا
تخطئه عين الملاحظة، وتبدو لجاجتهم وعنادهم فيما يعرف بقصة البقرة. فإن
الموضوع لم يكن يقتضي كل هذه المفاوضات بينهم وبين موسى، كما أنه لم يكن
يستوجب كل هذا التعنت. وأصل قصة البقرة أن قتيلا ثريا وجد يوما في بني
إسرائيل، واختصم أهله ولم يعرفوا قاتله، وحين أعياهم الأمر لجئوا لموسى
ليلجأ لربه. ولجأ موسى لربه فأمره أن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة. وكان
المفروض هنا أن يذبح القوم أول بقرة تصادفهم. غير أنهم بدءوا مفاوضتهم
باللجاجة. اتهموا موسى بأنه يسخر منهم ويتخذهم هزوا، واستعاذ موسى بالله أن
يكون من الجاهلين ويسخر منهم. أفهمهم أن حل القضية يكمن في ذبح بقرة.

إن الأمر هنا أمر معجزة، لا علاقة لها بالمألوف في الحياة، أو المعتاد بين
الناس. ليست هناك علاقة بين ذبح البقرة ومعرفة القاتل في الجريمة الغامضة
التي وقعت، لكن متى كانت الأسباب المنطقية هي التي تحكم حياة بني إسرائيل؟
إن المعجزات الخارقة هي القانون السائد في حياتهم، وليس استمرارها في حادث
البقرة أمرا يوحي بالعجب أو يثير الدهشة.

لكن بني إسرائيل هم بنو إسرائيل. مجرد التعامل معهم عنت. تستوي في ذلك
الأمور الدنيوية المعتادة، وشؤون العقيدة المهمة. لا بد أن يعاني من يتصدى
لأمر من أمور بني إسرائيل. وهكذا يعاني موسى من إيذائهم له واتهامه
بالسخرية منهم، ثم ينبئهم أنه جاد فيما يحدثهم به، ويعاود أمره أن يذبحوا
بقرة، وتعود الطبيعة المراوغة لبني إسرائيل إلى الظهور، تعود اللجاجة
والالتواء، فيتساءلون: أهي بقرة عادية كما عهدنا من هذا الجنس من الحيوان؟
أم أنها خلق تفرد بمزية، فليدع موسى ربه ليبين ما هي. ويدعو موسى ربه
فيزداد التشديد عليهم، وتحدد البقرة أكثر من ذي قبل، بأنها بقرة وسط. ليست
بقرة مسنة، وليست بقرة فتية. بقرة متوسطة.

إلى هنا كان ينبغي أن ينتهي الأمر، غير أن المفاوضات لم تزل مستمرة،
ومراوغة بني إسرائيل لم تزل هي التي تحكم مائدة المفاوضات. ما هو لون
البقرة؟ لماذا يدعو موسى ربه ليسأله عن لون هذا البقرة؟ لا يراعون مقتضيات
الأدب والوقار اللازمين في حق الله تعالى وحق نبيه الكريم، وكيف أنهم ينبغي
أن يخجلوا من تكليف موسى بهذا الاتصال المتكرر حول موضوع بسيط لا يستحق كل
هذه اللجاجة والمراوغة. ويسأل موسى ربه ثم يحدثهم عن لون البقرة المطلوبة.
فيقول أنها بقرة صفراء، فاقع لونها تسر الناظرين.

وهكذا حددت البقرة بأنها صفراء، ورغم وضوح الأمر، فقد عادوا إلى اللجاجة
والمراوغة. فشدد الله عليهم كما شددوا على نبيه وآذوه. عادوا يسألون موسى
أن يدعو الله ليبين ما هي، فإن البقر تشابه عليهم، وحدثهم موسى عن بقرة
ليست معدة لحرث ولا لسقي، سلمت من العيوب، صفراء لا شية فيها، بمعنى خالصة
الصفرة. انتهت بهم اللجاجة إلى التشديد. وبدءوا بحثهم عن بقرة بهذه الصفات
الخاصة. أخيرا وجدوها عند يتيم فاشتروها وذبحوها.

وأمسك موسى جزء من البقرة (وقيل لسانها) وضرب به القتيل فنهض من موته. سأله
موسى عن قاتله فحدثهم عنه (وقيل أشار إلى القاتل فقط من غير أن يتحدث) ثم
عاد إلى الموت. وشاهد بنو إسرائيل معجزة إحياء الموتى أمام أعينهم، استمعوا
بآذانهم إلى اسم القاتل. انكشف غموض القضية التي حيرتهم زمنا طال بسبب
لجاجتهم وتعنتهم.

نود أن نستلفت انتباه القارئ إلى سوء أدب القوم مع نبيهم وربهم، ولعل
السياق القرآني يورد ذلك عن طريق تكرارهم لكلمة "ربك" التي يخاطبون بها
موسى. وكان الأولى بهم أن يقولوا لموسى، تأدبا، لو كان لا بد أن يقولوا:
(ادْعُ لَنَا رَبَّكَ) ادع لنا ربنا. أما أن يقولوا له: فكأنهم يقصرون
ربوبية الله تعالى على موسى. ويخرجون أنفسهم من شرف العبودية لله. انظر إلى
الآيات كيف توحي بهذا كله. ثم تأمل سخرية السياق منهم لمجرد إيراده
لقولهم: (الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) بعد أن أرهقوا نبيهم ذهابا وجيئة بينهم
وبين الله عز وجل، بعد أن أرهقوا نبيهم بسؤاله عن صفة البقرة ولونها وسنها
وعلاماتها المميزة، بعد تعنتهم وتشديد الله عليهم، يقولون لنبيهم حين جاءهم
بما يندر وجوده ويندر العثور عليه في البقر عادة.

ساعتها قالوا له: "الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ". كأنه كان يلعب قبلها معهم،
ولم يكن ما جاء هو الحق من أول كلمة لآخر كلمة. ثم انظر إلى ظلال السياق
وما تشي به من ظلمهم: (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ) ألا توحي
لك ظلال الآيات بتعنتهم وتسويفهم ومماراتهم ولجاجتهم في الحق؟ هذه اللوحة
الرائعة تشي بموقف بني إسرائيل على موائد المفاوضات. هي صورتهم على مائدة
المفاوضات مع نبيهم الكريم موسى.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 15424
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

من قصص القرآن الكريم... Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص القرآن الكريم...   من قصص القرآن الكريم... Empty24/10/2011, 10:26 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

قصة الخضر



ورد ذكر القصة في سورة الكهف الآيات 60-82.
القصة:
قال تعالى:
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) (الكهف)

كان لموسى -عليه السلام- هدف من رحلته هذه التي اعتزمها،, وأنه كان يقصد من
ورائها امرا، فهو يعلن عن تصميمه على بلوغ مجمع البحرين مهما تكن المشقة،
ومهما يكن الزمن الذي ينفه في الوصول. فيعبر عن هذا التصميم قائلا (أَوْ
أَمْضِيَ حُقُبًا).

نرى أن القرآن الكريم لا يحدد لنا المكان الذي وقت فيه الحوادث، ولا يحدد
لنا التاريخ، كما أنه لم يصرح بالأسماء. ولم يبين ماهية العبد الصالح الذي
التقاه موسى، هل هو نبي أو رسول؟ أم عالم؟ أم ولي؟

اختلف المفسرون في تحديد المكان، فقيل إنه بحر فارس والروم، وقيل بل بحر
الأردن أو القلزم، وقيل عند طنجة، وقيل في أفريقيا، وقيل هو بحر الأندلس..
ولا يقوم الدليل على صحة مكان من هذه الأمكنة، ولو كان تحديد المكان مطلوبا
لحدده الله تعالى.. وإنما أبهم السياق القرآني المكان، كما أبهم تحديد
الزمان، كما ضبب أسماء الأشخاص لحكمة عليا.

إن القصة تتعلق بعلم ليس هو علمنا القائم على الأسباب.. وليس هو علم
الأنبياء القائم على الوحي.. إنما نحن أمام علم من طبيعة غامضة أشد
الغموض.. علم القدر الأعلى، وذلك علم أسدلت عليه الأستار الكثيفة.. مكان
اللقاء مجهول كما رأينا.. وزمان اللقاء غير معروف هو الآخر.. لا نعرف متى
تم لقاء موسى بهذا العبد.

وهكذا تمضي القصة بغير أن تحدد لك سطورها مكان وقوع الأحداث، ولا زمانه،
يخفي السياق القرآني أيضا اسم أهم أبطالها.. يشير إليه الحق تبارك وتعالى
بقوله: (عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا
وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) هو عبد أخفى السياق القرآني اسمه..
هذا العبد هو الذي يبحث عنه موسى ليتعلم منه.

لقد خص الله تعالى نبيه الكريم موسى -عليه السلام- بأمور كثيرة. فهو كليم
الله عز وجل، وأحد أولى العزم من الرسل، وصاحب معجزة العصا واليد، والنبي
الذي أنزلت عليه التوراة دون واسطة، وإنما كلمه الله تكليما.. هذا النبي
العظيم يتحول في القصة إلى طالب علم متواضع يحتمل أستاذه ليتعلم.. ومن يكون
معلمه غير هذا العبد الذي يتجاوز السياق القرآني اسمه، وإن حدثتنا السنة
المطهرة أنه هو الخضر -عليه السلام- كما حدثتنا أن الفتى هو يوشع بن نون ،
ويسير موسى مع العبد الذي يتلقى علمه من الله بغير أسباب التلقي الني
نعرفها.

ومع منزلة موسى العظيمة إلا أن الخضر يرفض صحبة موسى.. يفهمه أنه لن يستطيع
معه صبرا.. ثم يوافق على صحبته بشرط.. ألا يسأله موسى عن شيء حتى يحدثه
الخضر عنه.

والخضر هو الصمت المبهم ذاته، إنه لا يتحدث، وتصرفاته تثير دهشة موسى
العميقة.. إن هناك تصرفات يأتيها الخضر وترتفع أمام عيني موسى حتى لتصل إلى
مرتبة الجرائم والكوارث.. وهناك تصرفات تبدو لموسى بلا معنى.. وتثير
تصرفات الخضر دهشة موسى ومعارضته.. ورغم علم موسى ومرتبته، فإنه يجد نفسه
في حيرة عميقة من تصرفات هذا العبد الذي آتاه الله من لدنه علما.

وقد اختلف العلماء في الخضر: فيهم من يعتبره وليا من أولياء الله، وفيهم من
يعتبره نبيا.. وقد نسجت الأساطير نفسها حول حياته ووجوده، فقيل إنه لا
يزال حيا إلى يوم القيامة، وهي قضية لم ترد بها نصوص أو آثار يوثق فيها،
فلا نقول فيها إلا أنه مات كما يموت عباد الله.. وتبقى قضية ولايته، أو
نبوته.. وسنرجئ الحديث في هذه القضية حتى ننظر في قصته كما أوردها القرآن
الكريم.

قام موسى خطيبا في بني إسرائيل، يدعوهم إلى الله ويحدثهم عن الحق، ويبدو أن
حديثه جاء جامعا مانعا رائعا.. بعد أن انتهى من خطابه سأله أحد المستمعين
من بني إسرائيل: هل على وجه الأرض أحد اعلم منك يا نبي الله؟
قال موسى مندفعا: لا..
وساق الله تعالى عتابه لموسى حين لم يرد العلم إليه، فبعث إليه جبريل يسأله: يا موسى ما يدريك أين يضع الله علمه؟
أدرك موسى أنه تسرع.. وعاد جبريل، عليه السلام، يقول له: إن لله عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك.

تاقت نفس موسى الكريمة إلى زيادة العلم، وانعقدت نيته على الرحيل لمصاحبة
هذا العبد العالم.. سأل كيف السبيل إليه.. فأمر أن يرحل، وأن يحمل معه حوتا
في مكتل، أي سمكة في سلة.. وفي هذا المكان الذي ترتد فيه الحياة لهذا
الحوت ويتسرب في البحر، سيجد العبد العالم.. انطلق موسى -طالب العلم- ومعه
فتاه.. وقد حمل الفتى حوتا في سلة.. انطلقا بحثا عن العبد الصالح العالم..
وليست لديهم أي علامة على المكان الذي يوجد فيه إلا معجزة ارتداد الحياة
للسمكة القابعة في السلة وتسربها إلى البحر.

ويظهر عزم موسى -عليه السلام- على العثور على هذا العبد العالم ولو اضطره
الأمر إلى أن يسير أحقابا وأحقابا. قيل أن الحقب عام، وقيل ثمانون عاما.
على أية حال فهو تعبير عن التصميم، لا عن المدة على وجه التحديد.

وصل الاثنان إلى صخرة جوار البحر.. رقد موسى واستسلم للنعاس، وبقي الفتى
ساهرا.. وألقت الرياح إحدى الأمواج على الشاطئ فأصاب الحوت رذاذ فدبت فيه
الحياة وقفز إلى البحر.. (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا)..
وكان تسرب الحوت إلى البحر علامة أعلم الله بها موسى لتحديد مكان لقائه
بالرجل الحكيم الذي جاء موسى يتعلم منه.

نهض موسى من نومه فلم يلاحظ أن الحوت تسرب إلى البحر.. ونسي فتاه الذي
يصحبه أن يحدثه عما وقع للحوت.. وسار موسى مع فتاه بقية يومهما وليلتهما
وقد نسيا حوتهما.. ثم تذكر موسى غداءه وحل عليه التعب.. (قَالَ لِفَتَاهُ
آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا).. ولمع في
ذهن الفتى ما وقع.

ساعتئذ تذكر الفتى كيف تسرب الحوت إلى البحر هناك.. وأخبر موسى بما وقع،
واعتذر إليه بأن الشيطان أنساه أن يذكر له ما وقع، رغم غرابة ما وقع، فقد
اتخذ الحوت (سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا).. كان أمرا عجيبا ما رآه
يوشع بن نون ، لقد رأى الحوت يشق الماء فيترك علامة وكأنه طير يتلوى على
الرمال.

سعد موسى من مروق الحوت إلى البحر و(قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ).. هذا
ما كنا نريده.. إن تسرب الحوت يحدد المكان الذي سنلتقي فيه بالرجل
العالم.. ويرتد موسى وفتاه يقصان أثرهما عائدين.. انظر إلى بداية القصة،
وكيف تجيء غامضة أشد الغموض، مبهمة أعظم الإبهام.

أخيرا وصل موسى إلى المكان الذي تسرب منه الحوت.. وصلا إلى الصخرة التي
ناما عندها، وتسرب عندها الحوت من السلة إلى البحر.. وهناك وجدا رجلا.

يقول البخاري إن موسى وفتاه وجدا الخضر مسجى بثوبه.. وقد جعل طرفه تحت رجليه وطرف تحت رأسه.

فسلم عليه موسى، فكشف عن وجهه وقال: هل بأرضك سلام..؟ من أنت؟
قال موسى: أنا موسى.
قال الخضر: موسى بني إسرائيل.. عليك السلام يا نبي إسرائيل.
قال موسى: وما أدراك بي..؟
قال الخضر: الذي أدراك بي ودلك علي.. ماذا تريد يا موسى..؟
قال موسى ملاطفا مبالغا في التوقير: (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا).
قال الخضر: أما يكفيك أن التوراة بيديك.. وأن الوحي يأتيك..؟ يا موسى (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا).

نريد أن نتوقف لحظة لنلاحظ الفرق بين سؤال موسى الملاطف المغالي في الأدب..
ورد الخضر الحاسم، الذي يفهم موسى أن علمه لا ينبغي لموسى أن يعرفه، كما
أن علم موسى هو علم لا يعرفه الخضر.. يقول المفسرون إن الخضر قال لموسى: إن
علمي أنت تجهله.. ولن تطيق عليه صبرا، لأن الظواهر التي ستحكم بها على
علمي لن تشفي قلبك ولن تعطيك تفسيرا، وربما رأيت في تصرفاتي ما لا تفهم له
سببا أو تدري له علة.. وإذن لن تصبر على علمي يا موسى.

احتمل موسى كلمات الصد القاسية وعاد يرجوه أن يسمح له بمصاحبته والتعلم
منه.. وقال له موسى فيما قال إنه سيجده إن شاء الله صابرا ولا يعصي له
أمرا.

تأمل كيف يتواضع كليم الله ويؤكد للعبد المدثر بالخفاء أنه لن يعصي له أمرا.

قال الخضر لموسى -عليهما السلام- إن هناك شرطا يشترطه لقبول أن يصاحبه موسى
ويتعلم منه هو ألا يسأله عن شيء حتى يحدثه هو عنه.. فوافق موسى على الشرط
وانطلقا..

انطلق موسى مع الخضر يمشيان على ساحل البحر.. مرت سفينة، فطلب الخضر وموسى
من أصحابها أن يحملوهما، وعرف أصحاب السفينة الخضر فحملوه وحملوا موسى بدون
أجر، إكراما للخضر، وفوجئ موسى حين رست السفينة وغادرها أصحابها وركابها..
فوجئ بأن الخضر يتخلف فيها، لم يكد أصحابها يبتعدون حتى بدأ الخضر يخرق
السفينة.. اقتلع لوحا من ألواحها وألقاه في البحر فحملته الأمواج بعيدا.

فاستنكر موسى فعلة الخضر. لقد حملنا أصحاب السفينة بغير أجر.. أكرمونا..
وها هو ذا يخرق سفينتهم ويفسدها.. كان التصرف من وجهة نظر موسى معيبا..
وغلبت طبيعة موسى المندفعة عليه، كما حركته غيرته على الحق، فاندفع يحدث
أستاذه ومعلمه وقد نسي شرطه الذي اشترطه عليه: (قَالَ أَخَرَقْتَهَا
لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا).

وهنا يلفت العبد الرباني نظر موسى إلى عبث محاولة التعليم منه، لأنه لن
يستطيع الصبر عليه (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ
صَبْرًا)، ويعتذر موسى بالنسيان ويرجوه ألا يؤاخذه وألا يرهقه (قَالَ لَا
تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا).

سارا معا.. فمرا على حديقة يلعب فيها الصبيان.. حتى إذا تعبوا من اللعب
انتحى كل واحد منهم ناحية واستسلم للنعاس.. فوجئ موسى بأن العبد الرباني
يقتل غلاما.. ويثور موسى سائلا عن الجريمة التي ارتكبها هذا الصبي ليقتله
هكذا.. يعاود العبد الرباني تذكيره بأنه أفهمه أنه لن يستطيع الصبر عليه
(قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا)..
ويعتذر موسى بأنه نسي ولن يعاود الأسئلة وإذا سأله مرة أخرى سيكون من حقه
أن يفارقه (قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي
قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا).

ومضى موسى مع الخضر.. فدخلا قرية بخيلة.. لا يعرف موسى لماذا ذهبا إلى
القرية، ولا يعرف لماذا يبيتان فيها، نفذ ما معهما من الطعام، فاستطعما أهل
القرية فأبوا أن يضيفوهما.. وجاء عليهما المساء، وأوى الاثنان إلى خلاء
فيه جدار يريد أن ينقض.. جدار يتهاوى ويكاد يهم بالسقوط.. وفوجئ موسى بأن
الرجل العابد ينهض ليقضي الليل كله في إصلاح الجدار وبنائه من جديد..
ويندهش موسى من تصرف رفيقه ومعلمه، إن القرية بخيلة، لا يستحق من فيها هذا
العمل المجاني (قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا).. انتهى
الأمر بهذه العبارة.. قال عبد الله لموسى: (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي
وَبَيْنِكَ).

لقد حذر العبد الرباني موسى من مغبة السؤال. وجاء دور التفسير الآن..
إن كل تصرفات العبد الرباني التي أثارت موسى وحيرته لم يكن حين فعلها تصدر
عن أمره.. كان ينفذ إرادة عليا.. وكانت لهذه الإرادة العليا حكمتها
الخافية، وكانت التصرفات تشي بالقسوة الظاهرة، بينما تخفي حقيقتها رحمة
حانية.. وهكذا تخفي الكوارث أحيانا في الدنيا جوهر الرحمة، وترتدي النعم
ثياب المصائب وتجيد التنكر، وهكذا يتناقض ظاهر الأمر وباطنه، ولا يعلم
موسى، رغم علمه الهائل غير قطرة من علم العبد الرباني، ولا يعلم العبد
الرباني من علم الله إلا بمقدار ما يأخذ العصفور الذي يبلل منقاره في
البحر، من ماء البحر..

كشف العبد الرباني لموسى شيئين في الوقت نفسه.. كشف له أن علمه -أي علم
موسى- محدود.. كما كشف له أن كثيرا من المصائب التي تقع على الأرض تخفي في
ردائها الأسود الكئيب رحمة عظمى.

إن أصحاب السفينة سيعتبرون خرق سفينتهم مصيبة جاءتهم، بينما هي نعمة تتخفى
في زي المصيبة.. نعمة لن تكشف النقاب عن وجهها إلا بعد أن تنشب الحرب
ويصادر الملك كل السفن الموجودة غصبا، ثم يفلت هذه السفينة التالفة
المعيبة.. وبذلك يبقى مصدر رزق الأسرة عندهم كما هو، فلا يموتون جوعا.

أيضا سيعتبر والد الطفل المقتول وأمه أن كارثة قد دهمتهما لقتل وحيدهما
الصغير البريء.. غير أن موته يمثل بالنسبة لهما رحمة عظمى، فإن الله
سيعطيهما بدلا منه غلاما يرعاهما في شيخوختهما ولا يرهقهما طغيانا وكفرا
كالغلام المقتول.

وهكذا تختفي النعمة في ثياب المحنة، وترتدي الرحمة قناع الكارثة، ويختلف
ظاهر الأشياء عن باطنها حتى ليحتج نبي الله موسى إلى تصرف يجري أمامه، ثم
يستلفته عبد من عباد الله إلى حكمة التصرف ومغزاه ورحمة الله الكلية التي
تخفي نفسها وراء أقنعة عديدة.

أما الجدار الذي أتعب نفسه بإقامته، من غير أن يطلب أجرا من أهل القرية،
كان يخبئ تحته كنزا لغلامين يتيمين ضعيفين في المدينة. ولو ترك الجدار ينقض
لظهر من تحته الكنز فلم يستطع الصغيران أن يدفعا عنه.. ولما كان أبوهما
صالحا فقد نفعهما الله بصلاحه في طفولتهما وضعفهما، فأراد أن يكبرا ويشتد
عودهما ويستخرجا كنزهما وهما قادران على حمايته.

ثم ينفض الرجل يده من الأمر. فهي رحمة الله التي اقتضت هذا التصرف. وهو أمر
الله لا أمره. فقد أطلعه على الغيب في هذه المسألة وفيما قبلها، ووجهه إلى
التصرف فيها وفق ما أطلعه عليه من غيبه.

واختفى هذا العبد الصالح.. لقد مضى في المجهول كما خرج من المجهول.. إلا أن موسى تعلم من صحبته درسين مهمين:
تعلم ألا يغتر بعلمه في الشريعة، فهناك علم الحقيقة.
وتعلم ألا يتجهم قلبه لمصائب البشر، فربما تكون يد الرحمة الخالقة تخفي
سرها من اللطف والإنقاذ، والإيناس وراء أقنعة الحزن والآلام والموت.
هذه هي الدروس التي تعلمها موسى كليم الله عز وجل ورسوله من هذا العبد المدثر بالخفاء.

والآن من يكون صاحب هذا العلم إذن..؟ أهو ولي أم نبي..؟
يرى كثير من الصوفية أن هذا العبد الرباني ولي من أولياء الله تعالى، أطلعه
الله على جزء من علمه اللدني بغير أسباب انتقال العلم المعروفة.. ويرى بعض
العلماء أن هذا العبد الصالح كان نبيا.. ويحتج أصحاب هذا الرأي بأن سياق
القصة يدل على نبوته من وجوه:

1. أحدها قوله تعالى:
فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) (الكهف)

2. والثاني قول موسى له:
قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا
عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67)
وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ
سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69)
قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ
لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) (الكهف)
فلو كان وليا ولم يكن نبي، لم يخاطبه موسى بهذه المخاطبة، ولم يرد على موسى
هذا الرد. ولو أنه كان غير نبي، لكان هذا معناه أنه ليس معصوما، ولم يكن
هناك دافع لموسى، وهو النبي العظيم، وصاحب العصمة، أن يلتمس علما من ولي
غير واجب العصمة.

3. والثالث أن الخضر أقدم على قتل ذلك الغلام بوحي من الله وأمر منه.. وهذا
دليل مستقل على نبوته، وبرهان ظاهر على عصمته، لأن الولي لا يجوز له
الإقدام على قتل النفوس بمجرد ما يلقى في خلده، لأن خاطره ليس بواجب
العصمة.. إذ يجوز عليه الخطأ بالاتفاق.. وإذن ففي إقدام الخضر على قتل
الغلام دليل نبوته.
4. والرابع قول الخضر لموسى:
رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي
يعني أن ما فعلته لم أفعله من تلقاء نفسي، بل أمر أمرت به من الله وأوحي إلي فيه.
فرأى العلماء أن الخضر نبيا، أما العباد والصوفية رأوا أنه وليا من أولياء الله.
ومن كلمات الخضر التي أوردها الصوفية عنه.. قول وهب بن منبه: قال الخضر: يا
موسى إن الناس معذبون في الدنيا على قدر همومهم بها. وقول بشر بن الحارث
الحافي.. قال موسى للخضر: أوصني.. قال الخضر: يسر الله عليك طاعته.

ونحن نميل إلى اعتباره نبيا لعلمه اللدني، غير أننا لا نجد نصا في سياق
القرآن على نبوته، ولا نجد نصا مانعا من اعتباره وليا آتاه الله بعض علمه
اللدني.. ولعل هذا الغموض حول شخصه الكريم جاء متعمدا، ليخدم الهدف الأصلي
للقصة.. ولسوف نلزم مكاننا فلا نتعداه ونختصم حول نبوته أو ولايته.. وإن
أوردناه في سياق أنبياء الله، لكونه معلما لموسى.. وأستاذا له فترة من
الزمن.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 15424
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

من قصص القرآن الكريم... Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص القرآن الكريم...   من قصص القرآن الكريم... Empty24/10/2011, 10:27 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

قصة حمار العزيز



ورد ذكر القصة في سورة البقرة الآية 259, سورة التوبة الآيات 30-31
قال تعالى فى سورة" البقرة":
((أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا
قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ
مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا
أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى
طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ
وَلِنَجْعَلَكَ آَيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ
نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ
أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) ))

وقوله تعالى فى سورة " التوبة":
(( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى
الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ
قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى
يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا
مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا
لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا
يُشْرِكُونَ (31) ))

القصة:
قال إسحاق بن بشر:
إن عزيراً كان عبداً صالحاً حكيماً خرج ذات يوم إلى ضيعة له يتعاهدها،
فلما انصرف أتى إلى خربة حين قامت الظهيرة وأصابه الحر، ودخل الخربة وهو
على حماره فنزل عن حماره ومعه سلة فيها تين وسلة فيها عنب، فنزل في ظل تلك
الخربة وأخرج قصعة معه فاعتصر من العنب الذي كان معه في القصعة ثم أخرج
خبزاً يابساً معه فألقاه في تلك القصعة في العصير ليبتل ليأكله، ثم استلقى
على قفاه وأسند رجليه إلى الحائط فنظر سقف تلك البيوت ورأى ما فيها وهي
قائمة على عروشها وقد باد أهلها ورأى عظاماً بالية فقال: {أَنَّى يُحْيِي
هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} فلم يشك أن الله يحييها ولكن قالها
تعجباً فبعث الله مالك الموت فقبض روحه، فأماته الله مائة عام.


فلما أتت عليه مائة عام، وكانت فيما بين ذلك في بني إسرائيل أمور وأحداث.
قال: فبعث الله إلى عزير ملكاً فخلق قلبه ليعقل قلبه وعينيه لينظر بهما
فيعقل كيف يحيي الله الموتى. ثم ركب خلفه وهو ينظر، ثم كسى عظامه اللحم
والشعر والجلد ثم نفخ فيه الروح كل ذلك وهو يرى ويعقل، فاستوى جالساً فقال
له الملك كم لبثت؟ قال لبثت يوماً أو بعض يوم، وذلك أنه كان لبث صدر النهار
عند الظهيرة وبعث في آخر النهار والشمس لم تغب، فقال:
أو بعض يوم ولم يتم لي يوم. فقال له الملك: بل لبثت مائة عام فانظر إلى
طعامك وشرابك، يعني الطعام الخبز اليابس، وشرابه العصير الذي كان اعتصره في
القصعة فإذا هما على حالهما لم يتغير العصير والخبز يابس،
فذلك قوله {لَمْ يَتَسَنَّهْ} يعني لم يتغير، وكذلك التين والعنب غض لم
يتغير شيء من حالهما فكأنه أنكر في قلبه فقال له الملك: أنكرت ما قلت لك؟
فانظر إلى حمارك. فنظر إلى حماره قد بليت عظامه وصارت نخرة. فنادى الملك
عظام الحمار فأجابت وأقبلت من كل ناحية حتى ركبه الملك وعزير ينظر إليه ثم
ألبسها العروق والعصب ثم كساها اللحم ثم أنبت عليها الجلد والشعر، ثم نفخ
فيه الملك فقام الحمار رافعاً رأسه وأذنيه إلى السماء ناهقاً يظن القيامة
قد قامت.

فذلك قوله {وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ
وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً}
يعني وانظر إلى عظام حمارك كيف يركب بعضها بعضاً في أوصالها حتى إذا صارت
عظاماً مصوراً حماراً بلا لحم، ثم انظر كيف نكسوها لحماً {فَلَمَّا
تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
من إحياء الموتى وغيره.


قال: فركب حماره حتى أتى محلته فأنكره الناس وأنكر الناس وأنكر منزله،
فانطلق على وهم منه حتى أتى منزله، فإذا هو بعجوز عمياء مقعدة قد أتى عليها
مائة وعشرون سنة كانت أمة لهم، فخرج عنهم عزير وهي بنت عشرين سنة كانت
عرفته وعقلته، فلما أصابها الكبر أصابها الزمان، فقال لها عزير: يا هذه
أهذا منزل عزير قالت: نعم هذا منزل عزير. فبكت وقالت: ما رأيت أحداً من كذا
وكذا سنة يذكر عزيراً وقد نسيه الناس. قال إني أنا عزير كان الله أماتني
مائة سنة ثم بعثني. قالت: سبحان الله! فإن عزيراً قد فقدناه منذ مائة سنة
فلم نسمع له بذكر. قال: فإني أنا عزير قالت: فإن عزيراً رجل مستجاب الدعوة
يدعو للمريض ولصاحب البلاء بالعافية والشفاء، فادعوا الله أن يرد عليّ بصري
حتى أراك فإن كنت عزيراً عرفتك.


قال: فدعا ربه ومسح بيده على عينيها فصحتا وأخذ بيدها وقال: قومي بإذن
الله. فأطلق الله رجليها فقامت صحيحة كأنما شطت من عقال، فنظرت فقالت: أشهد
أنك عزير.


وانطلقت إلى محلة بني إسرائيل وهم في أنديتهم ومجالسهم، وابن لعزير شيخ ابن
مائة سنة وثماني عشر سنة وبنى بنية شيوخ في المجلس، فنادتهم فقالت: هذا
عزير قد جاءكم. فكذبوها، فقالت: أنا فلانة مولاتكم دعا لي ربه فرد علي بصري
وأطلق رجلي وزعم أن الله أماته مائة سنة ثم بعثه. قال: فنهض الناس فأقبلوا
إليه فنظروا إليه فقال ابنه: كان لأبي شامة سوداء بين كتفيه. فكشف عن
كتفيه فإذا هو عزير. فقالت بنو إسرائيل: فإنه لم يكن فينا أحد حفظ التوراة
فما حدثنا غير عزير وقد حرق بختنصر التوراة ولم يبقى منها شيء إلا ما حفظت
الرجال، فاكتبها لنا وكان أبوه سروخاً قد دفن التوراة أيام بختنصر في موضع
لم يعرفه أحد غير عزير، فانطلق بهم إلى ذلك الموضع فحفره فاستخرج التوراة
وكان قد عفن الورق ودرس الكتاب.


قال: وجلس في ظل شجرة وبنوا إسرائيل حوله فجدد لهم التوراة ونزل من السماء
شهابان حتى دخلا جوفه. فتذكر التوراة فجددها لبني إسرائيل فمن ثم قالت
اليهود: عزير ابن الله، للذي كان من أمر الشهابين وتجديده التوراة وقيامه
بأمر بني إسرائيل، وكان جدد لهم التوراة بأرض السواد بدير حزقيل، والقرية
التي مات فيها يقال لها ساير أباذ.


قال ابن عباس: فكان كما قال الله تعالى: {وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ}
يعني لبني إسرائيل، وذلك أنه كان يجلس مع بنيه وهم شيوخ وهو شاب لأنه مات
وهو ابن أربعين سنة فبعثه الله شاباً كهيئته يوم مات.


قال ابن عباس: بعث بعد بختنصر وكذلك قال الحسن وقد أنشد أبو حاتم السجستاني في معنى ما قاله ابن عباس:

وأسود رأس شاب من قبله ابنه ***ومن قبله ابن ابنه فهو أكبر

يرى ابنه شيخاً يدب على عصاٍ *** ولحيته سوداء و الرأس أشقرٍ

وما لابنه حيل و لا فضل قوةٍ *** يقوم كما يمشي الصبي فيعثر

يعد ابنه في الناس تسعين حجة *** وعشرين لا يجري و لا يتبختر

وعمر أبيه أربعون أمرها *** ولابن ابنه تسعون في الناس غبر

لما هو في المعقول أن كنت داريا *** وأن كنت لا تدري فبالجهل تعذر



المشهور أن عزيراً من أنبياء بني إسرائيل وأنه كان فيما بين داود وسليمان
وبين زكريا ويحيى، وأنه لما لم يبقى في بني إسرائيل من يحفظ التوراة ألهمه
الله حفظها فسردها على بني إسرائيل، كما قال وهب بن منبه: أمر الله ملكاً
فنزل بمعرفة من نور فقذفها في عزير فنسخ التوراة حرفاً بحرف حتى فرغ منها.

وروى ابن عساكر عن ابن عباس أنه سأل عبد الله بن سلام عن قول الله تعالى:
{وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} لما قالوا ذلك؟ قال بني
إسرائيل: لم يستطع موسى أن يأتينا بالتوراة إلا في كتاب وأن عزيراً قد
جاءنا بها من غير كتاب.


ولهذا يقول كثير من العلماء إن تواتر التوراة انقطع في زمن العزير.

وهذا متجه جداً إذا كان العزير غير نبي كما قاله عطاء بن أبي رباح والحسن
البصري. وفيما رواه إسحاق بن بشر عن مقاتل بن سليمان، عن عطاء، وعن عثمان
بن عطاء الخراساني عن أبيه، ومقاتل عن عطاء بن أبي رباح قال: كان في الفترة
تسعة أشياء: بختنصر وجنة صنعاء وجنة سبأ وأصحاب الأخدود وأمر حاصورا
وأصحاب الكهف وأصحاب الفيل ومدينة أنطاكية وأمر تبع.

وقال إسحاق بن بشر: أنبأنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، قال كان أمر عزير وبختنصر في الفترة.

وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أولى الناس بابن مريم لأنا، إنه ليس بيني وبينه نبي".

وقال وهب بن منبه: كان فيما بين سليمان وعيسى عليهما السلام.

وقد روى ابن عساكر عن أنس بن مالك وعطاء بن السائب أن عزيراً كان في زمن
موسى بن عمران، وأنه استأذن عليه فلم يأذن له، يعني لما كان من سؤاله عن
القدر وأنه انصرف وهو يقول: مائة موتة أهون من ذل ساعة.

وفي معنى قول عزير مائة موتة أهون من ذل ساعة قول بعض الشعراء:

قد يصبر الحر على السيف *** ويأنف الصبر على الحيف

ويؤثر الموت على حالة *** يعجز فيها عن قرى الضيف

فأما ما روى ابن عساكر وغيره عن ابن عباس ونوف البكالي وسفيان الثوري
وغيرهم، من أنه سأل عن القدر فمحى اسمه من ذكر الأنبياء، فهو منكر وفي صحته
نظر، وكأنه مأخوذ عن الإسرائيليات.


وقد روى عبد الرزاق وقتيبة بن سعيد، عن جعفر بن سليمان عن أبي عمران
الجوني، عن نوف البكالي قال: قال عزير فيما يناجي ربه: يا رب تخلق خلقاً
فتضل من تشاء وتهدي من تشاء؟ فقيل له: أعرض عن هذا. فعاد فقيل له: لتعرضن
عن هذا أو لأمحون اسمك من الأنبياء، إني لا أسال عما أفعل وهم يسألون، وهذا
ما يقتضي وقوع ما توعد عليه لو عاد فما مُحي.


وقد روى الجماعة سوى الترمذي من حديث يونس بن يزيد، عن سعيد وأبي سلمة، عن
أبي هريرة. وكذلك رواه شعيب عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته
نملة فأمر بجهازه فأخرج من تحتها ثم أمر بها فأحرقت بالنار فأوحى الله
إليه: فهلاّ نملة واحدة فروى إسحاق بن بشر عن ابن جريج، عن عبد الوهاب بن
مجاهد، عن أبيه أنه عزير، وكذا روي عن ابن عباس والحسن البصري أنه عزير،
فالله أعلم.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 15424
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

من قصص القرآن الكريم... Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص القرآن الكريم...   من قصص القرآن الكريم... Empty24/10/2011, 10:28 am

مصدر


text/html; charset=windows-1256
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
من قصص القرآن الكريم...
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القرآن الكريم
» آيات من القرآن الكريم
» أهداف القرآن الكريم
» القرآن الكريم فلاشي
» (50)سؤال و جواب في القرآن الكريم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات قوصاد :: المنتديات الأدبية :: قوصاد القصص والروايات-
انتقل الى:  
عداد الزوار
زوار المنتدى منذ يوم الجمعة 17-12-2010

free counters
" جميع المواضيع والردود فى المنتدى لاتعبر عن رأي الإدارة بل تعبر عن رأى كاتبها فقط "