1 ـ سورة الفاتحة سميت بذلك لأنه افتتح بها القرآن الكريم ، وقد قيل : إنها أول سورة نزلت كاملة . ص3 .
2 ـ سورة الفاتحة لها مميزات تتميز بها عن غيرها ، منها أنها ركن في الصلوات التي هي أفضل أركان الإسلام بعد الشهادتين .
فلا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ، ومنها أنها رقية إذا قرئ بها على المريض شُفي بإذن الله ، لأن النبي قال للذي قرأ على اللديغ ، فبرئ : ( وما يدريك أنها رقية ) .
وقد ابتدع بعض الناس اليوم في هذه السورة بدعة ، فصاروا يختمون بها الدعاء ، ويبتدئون بها الخطب ويقرؤونها عند بعض المناسبات ، وهذا غلط : تجده مثلاً إذا دعا ، ثم دعا قال لمن حوله : ( الفاتحة ) يعني اقرؤوا الفاتحة ، وبعض الناس يبتدئ بها في خطبه أو في أحواله ، وهذا أيضاً غلط لأن العبادات مبناها على التوقيف ، والاتباع . ص 3-4 .
3 ـ هل البسملة آية من الفاتحة أو لا ؟
في هذا خلاف بين العلماء فمنهم من يقول : إنها آية من الفاتحة ، ويقرأ بها جهراً في الصلاة الجهرية ، ويرى أنها لا تصح إلا بقراءة البسملة لأنها من الفاتحة ومنهم من يقول : إنها ليست من الفاتحة ولكنها آية مستقلة من كتاب الله وهذا القول هو الحق ودليل هذا : النص ، وسياق السورة .
أما النص :
فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال : ( قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين : إذا قال : ( الحمد لله رب العالمين ) قال الله تعالى : حمدني عبدي ، وإذا قال : ( الرحمن الرحيم ) قال الله تعالى : أثنى علي عبدي ، وإذا قال : ( مالك يوم الدين ) قال الله تعالى : مجدني عبدي ، وإذا قال ( إياك نعبد وإياك نستعين ) قال الله تعالى : هذا بيني وبين عبدي نصفين ، وإذا قال : ( اهدنا الصراط المستقيم ) قال الله تعالى : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) .
وهذا كالنص على أن البسملة ليست من الفاتحة ، وفي الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( صليت خلف النبي وأبي بكر ، وعمر ، فكانوا لا يذكرون ( بسم الله الرحمن الرحيم ) في أول قراءة ولا في آخرها ) .
والمراد لا يجهرون والتمييز بينها وبين الفاتحة في الجهر وعدمه يدل على أنها ليست منها .
أما من جهة السياق من حيث المعنى :
فالفاتحة سبع آيات بالاتفاق ، وإذا أردت أن توزع سبع الآيات على موضوع السورة وجدت أن نصفها هو قوله تعالى : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) وهي الآية التي قال الله فيها : ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ) لأن ( الحمد لله رب العالمين ) واحدة ( الرحمن الرحيم ) الثانية ( مالك يوم الدين ) الثالثة ، وكلها حق لله عز وجل ( إياك نعبد وإياك نستعين ) الرابعة يعني الوسط وهي قسمان : قسم منها حق لله ، وقسم حق للعبد .
( اهدنا الصراط المستقيم ) للعبد ( صراط الذين أنعمت عليهم ) للعبد ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) للعبد .
فتكون ثلاث آيات لله عز وجل وهي الثلاث الأولى ، وثلاث آيات للعبد وهي الثلاث الأخيرة وواحدة بين العبد وربه وهي الرابعة الوسطى .
فالصواب الذي لا شك فيه أن البسملة ليست من الفاتحة كما أن البسملة ليست من بقية السور . ص7 ـ 9 .
4 ـ قال تعالى : ( الحمد لله رب العالمين ) فهنا تقديم وصف الله بالألوهية على وصفه بالربوبية :
وهذا إما لأن ( الله ) هو الاسم العَلَم الخاص به ، والذي تتبعه جميع الأسماء ، وإما لأن الذين جاءتهم الرسل ينكرون الألوهية فقط . ص 10 .
5 ـ ربوبية الله عز وجل مبنية على الرحمة الواسعة للخلق الواصلة ، لأن الله تعالى لما قال : ( رب العالمين ) كأن سائلاً يسأل : ( ما نوع هذه الربوبية ؟ هل هي ربوبية أخذ ، وانتقام ، أو ربوبية رحمة ، وإنعام ؟ قال تعالى : ( الرحمن الرحيم ) . ص11 .
6 ـ في قوله تعالى : ( مالك ) قراءة سبعية : ( مَلِك ) و( المَلِك ) أخص من ( المالك ) .
ففي الجمع بين القراءتين فائدة عظيمة ، وهي أن ملكه جل وعلا ملك حقيقي ، لأن من الخلق من يكون ملكاً ، ولكن ليس بمالك : يسمى ملكاً اسماً وليس له من التدبير شيء ، ومن الناس من يكون مالكاً ، ولا يكون ملكاً : كعامة الناس ، ولكن الرب عز وجل مالك ملك . ص 12 .
7 ـ قال تعالى : ( مالك يوم الدين )
إن قال قائل : أليس مالك يوم الدين ، والدنيا ؟
فالجواب : بلى ، لكن ظهور ملكوته ، وملكه ، وسلطانه ، إنما يكون في ذلك اليوم لأن الله تعالى ينادي : ( لمن الملك اليوم ) فلا يجيب أحد فيقول تعالى : ( لله الواحد القهار ).
في الدنيا يظهر ملوك يعتقد شعوبهم أنه لا مالك إلا هم ،فالشيوعيون مثلاً لا يرون أن هناك رباً للسموات ، والأرض يرون أن الحياة : أرحام تدفع ، وأرض تبلع ، وأن ربهم هو رئيسهم . ص 12ـ 13 .