نور الهدى المشرفة العامة
عدد المساهمات : 16373 تاريخ التسجيل : 02/10/2009 العمر : 41
| موضوع: بين يدي رمضان 28/7/2011, 10:47 pm | |
| تطوى اللّيالي وتنصرم الشُّهور والأعوام، فمن النّاس من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وإذا بلغ الكتاب أجله فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. ومن يعش فإنه يرى حلوًا ومرًا، فلا الحلو دائم ولا المر جاثم، واللّيل والنّهار متعاقبان والآلام تكون من بعد زوالها أحاديث وذكرى، ولا يبقى للإنسان غلا ما حمله زادا للحياة الأخرى.
يشب الصغير ويهرم الكبير وينظر المرء ما قدّمت يداه وكلّ يجري إلى أجل مسمّى. قعدت بالمؤمنين آجالهم عن بلوغ آمالهم. وعدوا أنفسهم بالصّالحات فعاجلهم أمر الله. كلّ النّاس يغدو في أهداف وآمال ورغبات وأماني ولكن أين الحازمون وأين الكيسون؟ أيها المسلمون: لقد أظلّكم شهر عظيم مبارك كنتم قد وعدتم أنفسكم قبله أعوامًا ومواسم، ولعلّ بعضًا قد أمل وسوف وقصر، فها هو قد مدّ له في أجله وأنسئ له في عمره فماذا عساه فاعل؟
إنّ بلوغ رمضان نعمة كبرى يقدّرها حقّ قدرها الصّالحون المشمّرون. إنّ واجب الأحياء استشعار هذه النّعمة واغتمام هذه الفرصة. إنّها إن فاتت كانت حسرة ما بعدها حسرة، أيّ خسارة أعظم من أن يدخل المرء فيمَن عناهم المصطفى صلّى الله عليه وسلّم بحديثه على منبره في مساءلة بينه وبين جبريل الأمين: ''مَن أدرك شهر رمضان فلم يُغَفَر له فدَخَل النّار فأبْعَده الله قُل آمين، فقلت: آمين'' رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحه. مَن حُرِم المغفرة في شهر المغفرة فماذا يرتجي؟
إنّ بلوغ الشّهر أمنية كان يتمنّاها نبيّكم محمّد صلّى الله عليه وسلّم ويسألها ربّه حتّى كان يقول: ''اللّهمّ بارِك لنا في رجب وشعبان وبلّغنا رمضان'' رواه أحمد والبيهقي وابن ماجه. إنّ العمل الجد لا يكون على أتمّه ولا يقوم به صاحبه على كماله إلاّ حين يتهيّأ له تمام التّهيّؤ، فيستثير في النّفس همّتها ويحدوه الشّوق بمحبّة صادقة ورغبة مخلصة.
وفي مقام الاستقبال والتّرحيب بشهر رمضان المعظم يقول عليه الصّلاة والسّلام مُخاطبًا أصحابه وأمّته من بعدهم: ''أتاكُم رمضان سيِّد الشّهور فمرحبًا به وأهلاً'' أخرجه البزار والبيهقي. وفي حديث عبادة: ''أتاكم شهر رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه برحمته ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء. ينظر الله إلى تنافسكم فيه ويباهي بكم ملائكته، فَأَرُوا الله من أنفسكم خيرًا، فإنّ الشّقي مَن حرم رحمة الله'' رواه الطبراني.
في الصيام تنجلي عند الصّائمين القوى الإيمانية والعزائم التعبّدية يدعون ما يشتهون ويصبرون على ما يشتهون. في الصيام يتجلّى في نفوس أهل الإيمان الانقياد لأوامر الله، وهجر الرغائب والمشتهيات يدعون رغائب حاضرة لموعد غيب لم يروه إنّه قياد للشّهوات وليس انقيادًا لها. - جدير بشهر هذه بعض أسراره وتلك بعض خصاله، أن يفرَح به المتعبّدون ويتنافس في خيراته المتنافسون. أين هذا من أناس استقبالهم له تأفّف وقدومه عليهم عبوس. لقد هرم فيه أقوام فزلّت بهم أقدام. اتّبعوا أهواءهم فانتهكوا الحرمات واجترؤوا على المعاصي فباءوا بالخسار والثبار.
في النّاس مَن لا يعرف من رمضان إلاّ الموائد وصنوف المطاعم والمشارب، يقضي نهاره نائمًا ويقطع ليله هائمًا، وفيهم مَن رمضانه بيع وشراء يشتغل به عن المسابقة إلى الخيرات وشهود الصّلوات في الجماعات. فهل ترى أضعف همّة وأنجس بضاعة ممّن أنْعَم الله عليه بإدراك شهر المغفرة ثمّ لم يتعرّض فيه للنّفحات. أمّة الصّيام والقيام.. اتّقوا الله وأكْرِموا هذا الوافد العظيم، جاهدوا النّفوس بالطاعات، ابذلوا الفضل من أموالكم في البرّ والصّلات، واستقبلوه بالتّوبة الصّادقة والرجوع إلى الله، جدّدوا العهد مع ربّكم وشدّوا العزم على الاستقامة فكم من مؤمل بلوغه أصبح
رهين القبور. | |
|
القرش مدير المنتدى
عدد المساهمات : 11377 تاريخ التسجيل : 21/03/2009 العمر : 35
| موضوع: رد: بين يدي رمضان 28/7/2011, 10:55 pm | |
| بارك الله فيك
لمحات رائعة جدا جدا
ربي يبلغنا رمضان | |
|
نور الهدى المشرفة العامة
عدد المساهمات : 16373 تاريخ التسجيل : 02/10/2009 العمر : 41
| موضوع: رد: بين يدي رمضان 28/7/2011, 11:25 pm | |
| | |
|