حوار بين قلبين

حوار بين قلبين



هي: أهذا أنت؟
هو: أهذه أنت؟
هي: تغيرت كثيرا.
هو: إذن، كيف تعرفت إلي مادام التغير احتل كل هذه المساحة المخيفة في صوتك؟
هي: تعرفت إليك بقلبي.. وليس بعيني.
هو: أمازال قلبك لا يخطئني؟
هي: كيف يخطئك قلبي، وقد كنت له يوما دما وهواء وحياة؟
هو: والآن؟
هي: تتغير الأحاسيس بفعل الزمن، كبقية الأشياء الأخرى.
هو: إذن، تصاب أحاسيسنا بالشيخوخة كالإنسان؟
هي: نعم.. وتموت أيضا كالإنسان.
هو: أمات إحساسك الجميل نحوي؟
هي: لو كان مات.. لما تعرفت إليك الآن بعد كل تلك السنوات.
هو: إذن، مازلت أحتل فيك مساحة؟
هي: نعم.. لكنها ليست كالمساحة القديمة التي كنت تحتلها في.
هو: ما الفرق؟
هي: كالفرق بين اليوم والأمس.
هو: أحيانا.. لا يفرق اليوم عن الأمس شيئا.
هي: يكفي أن اليوم هو "اليوم" والأمس هو "الأمس".
هو: وأيهما أنا فيك؟
هي: أنت الأمس يا سيدي.. بكل ما في الأمس من أحاسيس وأحلام وآلام.
هو: إذن، أصبحت أمسك يا سيدتي.
هي: لماذا تتحدث وكأن الأمس بلا قيمة ولا أهمية؟
هو: الأمس يا سيدتي شيء ميت.
هي: ومن قال إن الأشياء الميتة بلا قيمة لدينا ولا أهمية؟
هو: وهل تمثل الأشياء الميتة أهمية؟
هي: لو لم تكن كذلك لما بكينا عليها.
هو: نبكي عليها نعم.. لكننا سرعان ما ننساها، وسرعان ما تجف دموعنا عليها.
هي: لا تنتهي أهمية الأموات بمجرد انتهاء مراسم البكاء وطقوس الحزن.
هو: تبررين موت إحساسك نحوي.
هي: أنا لم أقل إن إحساسي نحوك قد مات.. بل قلت إنه أصبح "أمسي".
هو: تتلاعبين بالألفاظ كعادتك.
هي: تماما كما كنت تتلاعب أنت بالمعاني.
هو: تغيرت كثيرا.
هي: لم أتغير، لكنني نضجت.. عقلت.. أدركت أن الحب من طرف واحد، هو نوع من أنواع الموت البطيء والمتعمد.
هو: لماذا؟ هل كنت بـ"الأمس" مجنونة؟
هي: نعم يا سيدي.. كنت مجنونة بك فوق الحد.
هو: وما هو حد الجنون في نظرك؟
هي: الحد الذي وقف عليه إحساسي تجاهك ذات يوم؟
هو: كنت تحبينني بجنون؟
هي: لا.. بل كنت أحبك بغباء.. وكنت أعذب نفسي بذلك الغباء بجنون.
هو: ندمت؟
هي: لا.. لم أندم يوما.. كانت تجربة مريرة.. لكنها أكسبتني الكثير من الخبرة والمناعة ضد الألم.
هو: انظري خلفيك.. هناك رجل يناديك.. ويقترب منك.. من هذا الرجل؟
هي: هذا هو "يومي".. يومي الذي تلا "أمسي" معك.
هو: والطفل الذي معه؟
هي: هو "غدي" الذي أحيا له ومن أجله.
هو: انتظري.. إلى أين أنت راحلة؟
هي: إلى يومي.. وغدي.
هو: وأمسك؟
هي: رحل في قافلة الأمس.

بارك الله فيك


حوار ممتع بالفعل

القلم الجائر