نعود مرة أخرى إلى بلدية أم علي الواقعة جنوب ولاية تبسة، لكن هذه المرة لأجل تناول حالة مرضية أغرب من الخيال وتختلف عن حالة الآنسة نبيلة قبلة التي تستيقظ في العام مرتين فقط .. هي حالة فتيحة التي قمنا بزيارة منزلها حينما علمنا بقصتها الغريبة والفريدة من نوعها، حيث أنها كفيفة منذ ولادتها لكنها تُبصر في العام مرة واحدة وهذا مساء يوم الجمعة من شهر أفريل فقط
سألنا فتيحة عن حالتها فراحت تروي حكايتها بكثير من التركيز إذ تقول فتيحة التي تبلغ من العمر 32 سنة إن حالتها الغريبة ورؤيتها لما حولها تكرر في الثلاث سنوات الأخيرة وأولها كان في عام 2009 وبالصدفة كانت يومها واقفة رفقة أختها الصغرى بمحاذاة المرآة، حيث تفاجأت ودون سابق إنذار برؤية شقيقتها ثم ازدادت فرحتها برؤية نفسها التي أعجبتها كثيرا على حد تعبيرها وهذا في يوم جمعة من أفريل 2009 .. تتوقف فتيحة برهة قليلا ثم تواصل الكلام بكثير من خفة الروح الممزوجة بالدعابة أحيانا أنها ظلت لدقائق مشدوهة أمام المرآة تتمعن في تقاسيم وجهها الذي لم تعرف ملامحه منذ الولادة وقتها سارعت أختها بالخروج لمناداة والدتها التي كانت بالجوار لتطلعها على ما حدث و عند عودتهما تفاجأت بعودة فتيحة إلى حالتها الأولى فبكت لأنها لم تتمكن من رؤية أمها، لأن تبصّرها دام حوالي ربع ساعة فقط. وفي عام 2010 تكررت نفس الحادثة وأيضا في يوم جمعة من أفريل حيث عاشت ولدقائق عشر نفس الفرحة مع ابنة عمها وبعض الأقارب الذين وصفوا ما حدث أمامهم بالحلم الجميل الذي لم يدم طويلا . آخر مرة كانت خلال شهر أفريل الفارط وبحضور أمها التي اندهشت وفرحت لقول فتيحة أن بصرها قد عاد إليها فتمتعت فتيحة لأول مرة برؤية أمها الغالية التي أفنت عمرها في خدمة ابنتها الكفيفة، ولكن للأسف الشديد يأبى الزمن أن يتمدد لوقت أطول مجبرا إياها إلى استكمال بقية أيامها في عالمها المظلم في انتظار جمعة آخر وأفريل آخر وبين عالمين مختلفين يتوسطهم وضع اجتماعي مزر تعيشه العائلة لا تبحث فتيحة عن علاج لحالتها التي تعايشت معها بقدر ما تناشد المسؤولين بتخصيص منحة بسيطة تؤمّن حياتها التي تعودت على نسج أحلامها في عالم الظلام.
يذكر أن فتيحة قد أجرت عملية جراحية بتبسة قبل سنوات باءت بالفشل فضلا على زيارتها لأطباء العيون في العديد من المرات حيث أجمعوا على استحالة شفائها، وظاهرة تبصرها وصفوها بالإعجاز الإلهي في خلقه، وللبحث عن تفسير علمي لحالتها اتصلت الشروق بالطبيب(فراجي عبد الكريم) أخصائي في طب العيون الذي أوضح أن حالتها نادرة وغريبة تتطلب البحث والتحليل سيما وأنه لم يصادف في مسيرته العملية مثل هذه الحالات التي أفاد بأنها مستعصية، وبين قدرة الخالق وعجز المخلوق تبقي حالة (فتيحة) تشكل إحدى أغرب الاستثناءات التي تمنحنا فرصة أكبر للتأمل في عجائب ومعجزات الله في عباده.