إن أفضل البقاع على الإطلاق البلد الحرام، خصّه الله
سبحانه بالفضائل والمزايا وجعل له أحكاماً تخصّه عن سائر البلدان، ولذا
كان من المناسب توضيح بعض الأحكام المتعلقة بالحرم المكي، وخاصة مضاعفة
الأجر فيه
وحرم مكة ثابت بالكتاب والسنة والإجماع والأصل في
معرفة حدوده التوقيف، ولا مجال للاجتهاد فيه منذ أن نصب سيدنا إبراهيم
الخليل عليه السلام أنصاب الحرم، واختلف العلماء في زمن تحريم مكة، والصحيح
أن مكة لم تزل حرماً من حين خلق الله السموات والأرض لما ثبت في الصحيحين
من حديث ابن عباس _رضي الله عنه_ما أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال
يوم فتح مكة: "إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام
بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي
إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة". (البخاري 4/46،
ومسلم 1/986).
شرف الله منطقة الحرم بأن جعل بيته الحرام فيه كما
قال سبحانه في دعاء إبراهيم _عليه السلام_: " رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ
مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ
رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ
تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ
يَشْكُرُونَ"
اختص الله الحرم بأن جعله آمناً بدعوة سيدنا إبراهيم
_عليه السلام_ عندما دعا ربه "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ
هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ" (البقرة: من
الآية126).
وقد امتن الله على قريش بأن جعلهم آمنين في بلدهم وفي سفرهم، قال الله
_تعالى_: "الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ"
(قريش:4)، وهذا الأمن كان في الجاهلية عرفاً واعتقاداً منهم، وفي الإسلام
شرعة ومنهاجاً قال الله تعالى: "وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً"
لقد استجاب الله دعاء إبراهيم _عليه السلام_ كما في
قوله _تعالى_: "رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ
غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا
الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ
وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ"
أسأل الله أن لا يحرمكم زيارة مكة
تحياتي لكم