نور الهدى المشرفة العامة
عدد المساهمات : 16373 تاريخ التسجيل : 02/10/2009 العمر : 41
| موضوع: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ 23/1/2011, 2:38 pm | |
| قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) (7) سورة محمد
إن الله سبحانه وتعالى شرط نصرته لأوليائه ولعباده الصالحين أن ينصروه ولكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال ما هي نصرة العبد لله ؟
فهل هو بحاجة إلى خلقه حتى ينصروه ؟ خلقه بحاجة إليه حتى ينصرهم ويثبت أقدامهم ولكن هو ليس بحاجة إليهم . 1-تغيير المحتوى الداخلي : معادلات طبيعية وسنن كونية لابد أن تجري على الإنسان شاء أم أبى فنصرة الله لعباده مشروطة : أ-بنصرتهم له . ب- بتغيير المحتوى الداخلي لهم ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) إنها معادلة قرآنية وسنة من سنن الله الكونية أن تغيير الله لعبده وإخراجه من ذل العبودية إلى عز الربوبية وإسداله عليه النصر والخير والبركة متوقف على أن يغير العبد من محتواه الداخلي وتطهير داخله وتفريغ قلبه إلى الله والتوجه إليه والثقة به كاملة . إن النفس التي هي أم الأصنام لابد من الكفران بها وتطهيرها من رذائل الأخلاق التي تغلغلت فيها وتربت عليها حتى أصبحت كالحجارة أو أشد قسوة .. وأصبحت تحمل كل رذيلة فهي في الرذائل غارقة حينئذ لابد من صقلها وتصفيتها حتى تكون قابلة للمعارف الإلهية وتستحق النصر . 2-الرجوع إلى الله صحيح أن الله سبحانه ليس بحاجة إلى خلقه حتى ينصروه ولكن عباده بحاجة إليه حتى يعودوا ويرجعوا إليه في كل صغيرة وكبيرة وهذه معادلة لابد منها . الضعيف لابد له من الرجوع إلى القوي ، الفقير لابد له من الرجوع إلى الغني ، الجاهل لابد له من الرجوع إلى العالِم وهكذا دواليك ، والإنسان مع الله في أمس الحاجة إلى الله ، فالله سبحانه هو القوي المطلق ( إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ) ، ( وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ) والإنسان ضعيف إلى أبعد حد ( وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا ) .
الله سبحانه غني مطلق بل هو عين الغنى و لا يحتاج إلى غيره والإنسان عين الفقر ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ ) والله هو الرزاق ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) والإنسان محتاج إلى الرزق . فالرجوع إلى الله أمر طبيعي لابد منه يحكم به العقل السليم والفطرة المستقيمة هذا مع غض النظر عن العناوين الأخرى وما يرتبط به الإنسان مع الله سبحانه وهو ارتباط المملوك مع المالك والمخلوق مع الخالق والعبد مع سيده ( إنّا لله وإنا إليه راجعون ) فالإنسان مملوك لله .. عبد لله بما للكلمة من معنى والله هو المالك الحقيقي للإنسان ، فالإنسان سوف يعود إلى الله سبحانه ليس في الآخرة فحسب وإنما هو بحاجة إلى الرجوع إليه في دار الدنيا أيضاً فما لم يعود إلى الله في كل شؤونه صغيرها وكبيرها حقيرها وخطيرها فسوف يصبح عبداً متمرداً على سيده وعاقاً إليه فرجوع العبد إلى مولاه ... رجوع الإنسان إلى الله أمر ضروري لابد منه .
معنى نصرتنا لله
إن الله غني مطلق ولا يحتاج إلى عباده فنصرتنا لله ليس لحاجة منه إلينا ، وإنما هو كناية من تغيير أنفسنا والرجوع إليه ، وأن يصبح الإنسان عبداً لله صالحاً بأن ينصر الإنسان عباد الله المحتاجين إلى المساعدة والنصرة فإن نصرة العبد لخلق الله هو نصرة لله . قال الراغب الأصفهاني : ( ونصرة العبد لله هو نصرته لعباده والقيام بحفظ حدوده ورعاية عهوده واعتناق أحكامه واجتناب نهيه ) . وقد دلت الآيات والروايات على ذلك وأن نصرة العبد لله سبحانه إنما هو إطاعة أمره والانتهاء بنهيه ونصرة عباده المستضعفين المقهورين . قال تعالى : ( كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ ) (14) سورة الصف ، وقال تعالى : ( وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ) (25) سورة الحديد . فدعوة الناس إلى أن يكونوا أنصار الله أي يدعوهم إلى الالتزام بطاعته وتحقيق أهدافه ونصرة عباده ، ودينه وإعلاء كلمته وأن يكون ذلك قربة لله تعالى خالصة لوجهه الكريم . قال أمير المؤمنين عليه السلام بعد أن قرأ قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) ، وقوله تعالى : ( مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ) . فلم يستنصركم من ذل ، ولم يستقرضكم من قِلٍ ، استنصركم وله جنود السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم . واستقرضكم وله خزائن السماوات والأرض وهو الغني الحميد .أراد أن يبلوكم أيكم أحسن عملاً ) .
التضامن الاجتماعي
أراد الله سبحانه ان يكون المجتمع مجتمعاً متضامناً متكافلاً كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( الخلق عيال الله فأحب الخلق إلى الله من نفع عيال الله وأدخل على أهل بيتٍ سروراً ) . وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من أحب الناس إلى الله ؟ قال أنفع الناس للناس ) . وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من رد عن قوم من المسلمين عادية ( ماء ) أو ناراً وجبت له الجنة ) . وقد ورد الحديث المشهور بل المتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الدعاء لعلي عليه السلام ( اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله ) . فمن نصر أمير المؤمنين عليه السلام فإن الله سبحانه سوف ينصره ، ومن خذل أمير المؤمنين عليه السلام فإن الله سيخذله . فإن نصرة أمير المؤمنين عليه السلام هي نصرة لدين الله وللحق ، وخذلانه خذلان لدين الله و الحق . وقد ورد في زيارة الأخ المسلم لله ثواب عظيم مما ينبأ بأهمية الأخ المسلم فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث ... : ( إن الله عز وجل يقول : أيما مسلم زار مسلماً فليس إياه زار ، إياي زار وثوابه عليّ الجنة ) . وقد روى المتقي الهندي : عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من نصر أخاه بظهر الغيب نصره الله في الدنيا والآخرة ) . وروى الشعراني : من نصر أخاه المسلم بالغيبة نصره الله تعالى في الدنيا والآخرة ) . فهذه الروايات وغيرها مما تكشف لنا أن للمسلم على المسلم حقوقاً كثيرة ومن جملة ذلك نصرته ورد الظلم والعدوان عنه وأن ذلك هو نصرة لله سبحانه وتعالى . وفي مقابل ذلك إذ لم ينصره وخذله فإن ذلك يكون محاربة لله تعالى . فقد روي : ( من مشى في حاجة أخيه فلم يناصحه ، كان كمن حارب الله ورسوله ) .
| |
|
نور الهدى المشرفة العامة
عدد المساهمات : 16373 تاريخ التسجيل : 02/10/2009 العمر : 41
| موضوع: رد: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ 23/1/2011, 2:39 pm | |
| بين القوة والضعفإن الأمة الإسلامية هي خير أمة أخرجت للناس كما عبر عنها القرآن الكريم في خطابه للأمة ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ) وقد ثبت ذلك في صدر الإسلام وحملت الأمة الإسلامية راية العلم والمعرفة والهداية والتقدم والعدالة . ومهما كانت الأمم غير الإسلامية تمتلك من قوة فإنها لا توازي هذه الأمة .
إن القرآن الكريم يقارن بينهما ، يقارن بين القوم المؤمنين والكافرين في أوائل سورة محمد ويخرج بالنتيجة الآتية : 1-ضلال عمل الكافرين وسعيهم في الحياة الدنيا والآخرة . 2-أما الذين آمنوا فإنه أصلح بالهم وكفّر عنهم سيئاتهم وذلك بما يحملونه من عقيدة بالله وما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو الحق . 3-أن الكافرين اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق . 4-أن الكافرين سيدمرهم الله طال الوقت أم قصر وفي مقابله الذين آمنوا سوف ينصرهم . 5-أن الله مولى الذين آمنوا وهو المدافع عنهم وأما الكافرون فلا مولى لهم وتركهم الله وشأنهم بل الشيطان هو وليهم ويقودهم إلى الغواية والدمار . 6-أن الكافرين مهما كان عندهم من قوة وسيطرة فإنهم ضعفاء أمام قوة الله وإرادته ، وأما المؤمنون فمهما بلغوا من الضعف المادي والعسكري فإنهم أقوياء بالله سبحانه وهو ناصرهم . 7-المؤمنون على بينة من ربهم وأما الكافرون يزين لهم الشيطان أعمالهم ويتبعون أهوائهم . 8-أن المؤمنين مأمورين بالصبر والثبات والجهاد في سبيل الله والاعتماد على الله وقد يؤخر الله نصرهم ابتلاء لهم حتى يتربوا ولكن العاقبة الحسنة لهم . وأما الكافرون فلهم الخزي في الحياة الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة . إن عناصر القوة في الأمة الإسلامية لا تزال موجودة الآن وليس عليها إلا أن تستخدمها وتبرزها .
ضعف الأمة
إن الضعف الذي تمر به الأمة الإسلامية ليس ضعفاً في عقيدتها ومبادئها بل استولى عليها الضعف والخضوع والخنوع لابتعادها عن رسالتها ودينها فأصابها ما أصابها من الذل والهوان ولو عادت إلى رشدها ودينها وكرامتها وعزها لعادت إليها تلك الريادة التي قادت بها العالم بأسره وتلك السيادة التي انحسرت عنها لقرون عديدة .
ذكرى الانتفاضة
ولا يوجد هناك دليل ملموس ومحسوس أعظم مما نشاهده من ثلة من المسلمين الذين يعيشون في جوار المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله ، وهم يحملون أرواحهم على أكفهم ويقدمون أرواحهم رخيصة في سبيل العقيدة والمقدسات والأعراض والعزة والكرامة والدفاع عن الإسلام والمسلمين . إن الانتفاضة المباركة قد أكملت السنتين وقد حققت من النصر والإرباك للكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية وأذنابهما مالم تحققه الجيوش العربية ضد الكيان الصهيوني خلال خمسين عاماً . إن الأطفال والنساء والشباب الفلسطيني أثبتوا للعالم أجمع على أن الأمة الإسلامية قادرة على التحدي لأعتى قوة في العالم مهما كانت كبيرة ومستكبرة وقادرة على أن تحقق أهدافها وأن تصنع النصر مهما طال الزمن . إننا نبارك للأخوة الفلسطينيين هذه الروح الأبية الشجاعة ونتمنى لهم النصر المؤزر ، كما ندعو الأمة الإسلامية أن تقف بجانبهم وأن تنصرهم حتى يمن الله على الأمة بكاملها بالنصر والعزة والكرامة .. ندعو الأمة أن تساند إخوتها في فلسطين بالمال والسلاح والموقف الشجاع والدعاء لهم بالنصر ، وعليهم أن يقاطعوا عدوهم بأشكال المقاطعة ويكون الجميع يداً واحدة على من سواهم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) وقد وعد الله والله لا يخلف الميعاد ( وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) . والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين من خطب المنابر
| |
|