بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين ، وحبيب رب العالمين ،
اللهم فقهنا في الدين ، واجعلنا من العلماء العاملين والأولياء العارفين ،
أما بعد : فإنّ من الواجبات القلبية : الإيمان بالله تعالى وما جاء عن الله تعالى ، والإيمان برسول الله وما جاء عنه صلى الله عليه وسلم .
والإخلاص لله تعالى . والندم على المعصية . والتوكل على الله تعالى . والمراقبة لله تعالى .
والرضا عن الله تعالى . والشكر لله تعالى . والصبر على أداء الواجبات ، والصبر على اجتناب المحرمات .
وبغض المعاصي .
فيجب الإيمان بالله بأنه واحد لا شريك له ، ولا شبيه له ، وأنه مستغن عن خلقه سبحانه، فلا يحتاج إلى إنس ولا جن ولا ملائكة ولا مكان ولا عرش ولا كرسيّ ، وأنه قادر على كل شيء و لا يعجزه شيء . وأنه موصوف بالكمال ومنزه عن النقصان .
ويجب الإيمان بأنّ كل ما جاء عن الله تعالى هو حقّ وصدق ، لاشك في ذلك كله ولا ريب ، أي مع اليقين الجازم .
كما يجب الإيمان برسول الله وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
أيضًا مع اليقين الجازم ، بأنّ كل ما قاله النبي من أحكام الشرع وما أخبر به هو حق وصدق .
ومن كان على غير هذه العقيدة فليس بمؤمن .
الإخلاص لله تعالى : وهو العمل بالطاعة لله تعالى وحده .
وضده الرياء : وهو العمل بالطاعة بنية محمدة الناس . أي ليمدحوه .
فالإخلاص شرط لقبول الأعمال الصالحة . قال عليه الصلاة والسلام { إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرنه إلى ما هاجر إليه }
وقد روى أبو داود والنسائيّ أنّ رجلاً قال : يا رسول الله أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ما له ؟قال : { لا أجر له } ، فأعادها ثلاثًا قال : { لا أجر له } ثمّ قال : { إنّ الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا له وابتغي به وجهه }
وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم : { من سمّع سمّع الله به ، ومن يرائي يرائي الله به }
أي أنّ الذي يعمل الحسنات ليتحدث الناس عنه بها يفضحه الله تعالى ،
ومعنى { ومن يرائي يرائي الله به } أي يبين الله للملائكة أنه يرائي .
التوكل على الله تعالى : وهو الاعتماد الكامل على الله ، وهو ثقة القلب بالله اعتقادًا من المرء أنّه لا ضارّ ولا نافع على الحقيقة إلا الله تعالى ، وأنه لا خالق إلا الله تعالى .
وهو تفويض الأمر إلى الله تعالى والثقة به مع ما قدّر له من التسبب.
فإذا اعتقد العبد ذلك ووطن قلبه عليه كان اعتماده على الله في أمور الرزق والسلامة من المضارّ.
ومعنى حسبي الله ونعم الوكيل : الله يكفيني ما أهمّني. ونعم الوكيل ، أي نعم الموكول إليه الأمر .
المراقبة لله تعالى :
أي أنّ من الواجبات القلبية المراقبة لله ، أي استدامة الخوف من الله تعالى بالقلب ، وذلك بتجنب ما حرّم الله ، وتجنب الغفلة عن أداء ما أوجب الله . قال تعالى : { فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين }آل عمران . وقال نعالى : { فلا تخشوا الناس واخشون }المائدة .
ومعنى كلمة ( المراقبة لله ) أي أن يراقب العبد أعماله وجوارحه ، خوفًا من أن يقع في معصية الله تعالى .
الرضا عن الله : أي التسليم لله وترك الاعتراض ، وتعظيمُ شعائر الله .
فيجب على العبد أن أن يرضى عن الله أي أن يرضى بما قدّر له وقسم له ، فلا يعترض ولا يتسخّط لا ظاهرًا ولا باطنًا فإنه كفرٌوالعياذ بالله تعالى . فالمؤمن يصبر على ما ابتلاه الله به . والبشائر في ذلك كثيرة منها قوله تعالى :
{ ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشّر الصابرين . الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}
الشكر لله تعالى : أي الشكر على نعمه التي أنعم بها علينا .
وذلك بأن لا نستعملها في معصية الله تعالى . وقد سبق وأفردنا موضوعًا خاصًا في هذا .
الصبر على أداء الواجبات والصبر عل أجتناب المحرمات :
نفس الإنسان قد تميل إلى ترك الواجب ، والنفس بطبعها تميل إلى الراحة ، لكن على الإنسان أن يقهر نفسه لأداء ما أوجب الله .
كما أن النفس قد تميل إلى ما حرم الله ، فعلينا أن نقهر أنفسنا استجابة لأمر الله تعالى .
وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى
والله تعالى أعلم وأحكم