ادمان الإنترنت
إذا كانت الإنترنت أوجدت مفاهيم جديدة، وساهمت في إعادة صياغة تصور الإنسان عن الزمن والمكان ، بل والذات، فإنها أيضًا أحدثت أمراضًا جديدة ، لعل أبرزها مرض "إدمان الإنترنت" ، وعندما تصل الأمور إلى صحة الإنسان فيجب عليه أن يعيد النظر ليصل إلى سلوك متوازن.
هذا المرض يلقى الاهتمام مع القلق لدى علماء النفس الأمريكيين خاصة؛ ما أدى إلى فتح عيادات متخصصة لمدمني الإنترنت، لكن قد يبدو مثيرًا أن بعض تلك العيادات هي إنترنتية! وتذكر بعض المصادر أن "ماريسا" أول من فتح عيادة لعلاج إدمان الإنترنت في مستشفى ماكلين التابع لجامعة هارفارد سنة 1996م .
لكن ما هو الإدمان؟ وما هي أعراضه؟ وكيف ينشأ؟ وما هي آثاره الصحية والنفسية والاجتماعية؟ وكيف يمكن علاجه؟ تساؤلات يحاول مقالنا هذا الإجابة عليها.
ويمكن استجلاء مفهوم "الإدمان" من خلال أعراضه، وحسب الجمعية الأمريكية للطب النفسي فإن المصاب بهذا المرض يعاني من عدة عوارض هي:
- عدم الإشباع من استخدام الإنترنت وقضاء أوقات طويلة مع الشبكة.
- الشعور بالرغبة في الدخول إليها عند تركها.
- إهمال المستخدم للحياة الاجتماعية والالتزامات العائلية والوظيفية.
- بعد التعب الشديد من استخدام الشبكة يلجأ المستخدم إلى النوم العميق لفترة طويلة.
- ظهور آثار اضطرابات نفسية كالارتعاش وتحريك الإصبع بصورة مستمرة.
- القلق والتفكير المفرط في الشبكة وما يحدث فيها، وشعور بالحزن والاكتئاب لعدم الاتصال بها.
وفي ما يخص آلية حصول الإدمان، فإن الشخص المدمن لديه قابلية مسبقة للإدمان لتحقيق احتياجاته النفسية وممارسة الأنشطة التي لا يستطيع تحقيقها في الواقع الممارس، ومن ثم يلجأ إلى محاولة تحقيقها من خلال الإنترنت في عملية مواءمة نفسية وهروب من الواقع المعيشي؛ لما توفره الإنترنت من إمكانات (كإخفاء كثير من الأسرار حتى الاسم) تعزز سلوكه؛ ما يجعله يمضي شوطًا بعيدًا في التعامل مع الإنترنت وتكوين صلات وعلاقات عاطفية أو جنسية ونحوها، وهذا يشكل تجاوزًا للكبت الذي يعيشه في مجتمعه، ولكنه لا يلبث أن يصطدم بعد حين بالواقع ويجد أن ما توهمه مَخْلَصًا لا يحل المشكلة
• ومن شأن "الإدمان" أن يُحدث آثارًا صحية سلبية متعددة؛ إذ تشير بعض الدراسات إلى أن حالات الإجهاد البصري تزيد بنسبة 55%لدى مستخدمي الكمبيوتر ؛ الأمر الذي يتطلب أخذ فترات متقطعة للراحة ، فضلاً عن استخدام الشاشة الواقية والنظارة الطبية العاكسة للأشعة المنبعثة من جهاز الكمبيوتر.
ويشير بعض الأطباء إلى بعض المشكلات النفسية التي اقترنت باستخدام الكمبيوتر مثل "انطوائية الكمبيوتر" التي تصيب المدمنين الذين يرغبون في الهروب من واقعهم، وكذلك الذين يتوحدون مع الجهاز ويستعيضون به عن الأنشطة الاجتماعية الأخرى ؛ ما يؤدي إلى انخفاض مهارات التواصل الاجتماعي مع الآخرين.