في أثناء الفتوحات الإسلامية حاصر جيش المسلمين مدينة سمرقند وكانت مدينة حصينة ومنيعة، يصعب على أي جيش أن يدخلها مهما كان قويا بسبب حصونها وقلاعها ، ولما طال الحصار فكر قائد جيش المسلمين قتيبة بن مسلم في خطة ليدخل المدينة، وبدأت الخطة بأن دخل عدد من جنود المسلمين الشجعان في هيئة تجار يبيعون سلعا وبضائع ، وبعد أن صاروا دخل المدينة هاجموا الحصون والقلاع واستولوا عليها، ثم فتحوا الأبواب، فدخل بقية جيش المسلمين واستسلم عندئذ أهل سمرقند وسقطت المدينة في أيدي المسلمين.
واجتمع أهل سمرقند عند كبير الكهنة، وسألوه النصيحة، فقال لهم سأطلب بمحاكمة قائد جيش المسلمين.
قال أحدهم: ومن سيوافقنا على محاكمة قائد جيش المسلمين وهم المنتصرون؟!!
فأجاب كبير الكهنة: خليفة المسلمين عمر بن عبد العزيز فهو رجل عادل.
وأرسل كبير الكهنة أحد أعوانه إلى الشام ، وقابل الخليفة عمر بن عبد العزيز، فأحسن استقبالهن واستمع إليه جيدا وقال له: اطمئن واهدأ بالا، فالإسلام لا يعرف إلا العدل. وأعطاه خطابا إلى الوالي حاكم المسلمين في سمرقند، وذهب كبير الكهنة بالخطاب إلى حاكم سمرقند المسلم فقرأه فوجد الخليفة يأمر بأن يختار أحد القضاة المسلمين ليحكم في الشكوى التي قدمها كهنة سمرقند، واختار الوالي قاضيا يثق فيه ، وحدد موعد للمحاكمة.
استمع القاضي إلى كبير الكهنة الذي تكلم عن أهل سمرقند وقال: نحن نعرف أندينكم قد حدد ثلاث أمور لنشر دعوته أولها: الدعوة إلى الدخول في الإسلام ، فمن لم يقبل فعليه دفع الجزية مقابل توفير الأمن والدفاع عنه وهذا هو الثاني، فإن رفض الدخول في الإسلام ورفض دفع الجزية يأتي دور الحرب والقتال، ولكن جيشكم لم يفعل هذا ودخل مدينتنا بالخديعة.
فسأل القاضي قائد المسلمين: هل هذا ما حدث ؟
أجاب القائد المسلم: أصلح الله القاضي! إن الحرب خدعة وهذا البلد أنقذه الله على أيدي جنودنا وهداه إلى طريق الحق والنور.
فقال القاضي: وهل خيرتم أهله بين واحدة من ثلاث: إما الإسلام، وإما الجزية، وإلا الحرب؟
قال القائد: لا يا أيها القاضي.
عندئذ أصدر القاضي المسلم أعجب حكم في التاريخ قال: قد حكمت على جيش المسلمين بأن يخرج من سمرقند ويسلم البلاد إلى أهلها ، ثم يعرض عليهم الدخول في الإسلام، فإن لم يقبلوا فالجزية، وإلا يعلق عليهم الحرب والقتال.
وتم تنفيذ الحكم ، وانسحب جيش المسلمين من سمرقند ، وعادت المدينة إلى أهلها ، ودهش الجميع أمام هذا الحكم الذي يدل على عدالة الإسلام ، وكانت النتيجة أن دخل أهل سمرقند في الإسلام ، وعاد جيوش المسلمين إليها ، ليسوا جنود محاربين بل إخوة متحابين يعانق كل واحد منهم أخاه من أهل سمرقند، ويهنئه بالدخول في الإسلام تحت راية الحب والسلام