معنى قوله عليه الصلاة والسلام :أنتَ ومالُكَ لأبيكَ ": أنه يجب عليك أن تخدِمه ببدنِك وبمالك ،أن تحسن إليه ببدنك وبمالك ،إن احتاج الأمر إلى خدمة بدنية يجب على الولد أن يخدِمه ،إذا مرض يجب عليه أن يتعاهده ،وأما المال فإنّه ملزم بنفقته ،حتى لو كان الأب يستطيع أن يعمل ويكفيَ نفسَه لكنه لم يفعل ( وكان بحاجة) يجب على الولد أن يكفيَه النفقة منْ كِسوةٍ ومَطعَمٍ ومَشْرَب ومَسكن ،وإن طلبَ الأبُ شيئًا زائدًا فعلى قولِِِ بعضِ العلماءِ كذلكَ يجبُ عليه أن يُعطِيَه لكن ليس إلى حدِّ الإسرافِ،وإن كان الولدُ لا يدفَعُ الأبُ له أنْ يأخذَ بنفسِه،ومثلُ الأبِ الأمُّ في ذلك .هذا ظاهرُ الحديث .
ومثلُ هذا التّفصِيل الأخيرِ مذكورٌ في تُحفةِ الأحْوَذيّ .
وفي كتاب المنتقى شرح الموطّأ ما نصّه :أنتَ ومالُكَ لأبيك " يريدُ في البِرَّ والطَّواعِيَة لا في القضَاء واللّزوم.
وفي حاشية السِّندي على ابنِ ماجه ما نصُّه :أنتَ ومالُك لوالدِك" على معنى أنه إذا احتاج إلى مالِكَ أخذَ منه قَدْرَ الحاجةِ كما يأخُذ مِنْ مالِ نفسِه فأمّا إن أردْنَا به إباحةَ مالِه حتى يجتَاحَه ويأتيَ عليْه فلا أعلَمُ أحدًا من الفقهاء ذهب إليه على هذا الوجه.
وفي مُشكل الآثار للطحاوي ما نصه: عن جابر بن عبد الله أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنّ لي مالاً وعيالا وإنّ لأبي مالا وعيالا وإنه يريدُ أن يأخذ مالِي إلى مالِه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :أنتَ ومالُكَ لأبيكَ" "فسألتُ أبا جعفرٍ محمدَ بنَ العبّاس عن المرادِ بهذا الحديث فقال المرادُ به موجودٌ فيه وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه أنتَ ومالُك لأبيك"فجمع فيه الابن ومالَ الابن فجعلَهُما لأبيه فلم يكن جعْلُه إيّاهُما لأبيه على معنى مِلْكِ أبيه إياه ولكن على أن لا يَخرُج عن قولِ أبيه فيه.
والحديث رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفه والطبراني في المعجم الكبير والأوسط والصغير والبزار والبيهقي في السنن الكبرى ودلائل النبوة وخرجه السيوطي في الجامع الكبير.
ورواه أحمد وأبو داود وابن ماجه بلفظ: "أنت ومالك لوالدك"