اقبل على الدنبا كما هى
حال الدنيا منغصة اللذات، كثيرة التبعات، جاهمة المحيّا، كثيرة التلوّن، مزجتْ بالكدر، وخلطتْ بالنّكد، وأنت منها في كبد. ولن تجد والدًا أو زوجةً، أو صديقًا، أو نبيلاً، ولا مسكنا ولا وظيفةً إلاّ وفيه ما يُكدّر، وعنده ما يسوء أحياناً، فاطفئ حرّ شرّه ببرد خيْره، لتنْجو رأساً برأس، والجروح قصاصٌ.
أراد الله لهذه الدنيا أن تكون جامعةً للضدين، والنوعين، والفريقين، والرأيين خيْرٍ وشرٍ، صلاحٍ وفسادٍ، سرورٍ وحزْنٍ، ثم يصفو الخيْر كلّه، والصلاح والسرور في الجنة، ويجْمع الشرّ كله والفساد والحزن في النار. في الحديث: "الدنيا ملعونةٌ ملعونٌ ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالمٌ ومتعلمٌ"؛ فعشْ واقعك ولا تسرحْ من الخيال، وحلّقْ في عالم المثاليات، اقبلْ دنياك كما هي، وطوّع نفسك لمعايشتها ومواطنتها، فسوف لا يصفو لك فيها صاحبٌ، ولا يكمل لك فيها أمرٌ، لأنّ الصّفْو والكمال والتمام ليس من شأنها ولا منْ صفاتها.
لن تكمل لك زوجةٌ، وفي الحديث: "لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً إن كره منها خلقاً رضي منها آخر".
فينبغي أنْ نسدد ونقارب، ونعْفو ونصْفح، ونأخذ ما تيسّر، ونذر ما تعسّر ونغضّ الطّرْف أحياناً، ونسدد الخطى، ونتغافل عن أمورٍ.
منقول