السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هي نصيحتكم لمن يلبي لنفسه ما تشتهيه من الطعام، ولا يأكل ما تيسر من الطعام؟
جزيتم الجنة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - أيها الأخ الحبيب - في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا.
نصيحتنا - أيها الحبيب - لمن سألت عن النصح له ممن يلبي لنفسه ما تشتهيه من الطعام، نصيحتنا متمثلة في التوجيه إلى الاهتداء بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو أكمل الهدي وأحسنه وأجمله، وفيه تحقق المصلحة على أتم الوجوه وأحسنها، وذلك بأن يعيش الإنسان مقتصدا متوسطا في أحواله، فكلا طرفي قصد الأمور ذميم.
ونحن بهذا لا نحرم ما أحل الله تعالى، فإن هذا الأكل الذي يأكله الإنسان إذا كان حلالا في مكسبه وهو في ذاته شيء حلال، فإنه يجوز له أن يأكل منه ما لم يصل به شيء من ذلك إلى الضرر، وقد قال الله سبحانه في كتابه الكريم: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة}.
فما دام الإنسان يأكل حلالا فله أن يأكل، ولكن في تعويد النفس على الرفاه وطيب العيش إغرار بها، والأحوال لا تدوم، والنعم في غالب الأحيان تتبدل وتزول، فينبغي للإنسان العاقل أن يدرب نفسه على الأحوال كلها، حتى لا يتألم لفقد النعم، وحين تزول، وحتى لا يعيش أيضا متخما ليس له هم إلا ملء البطن وحسن الملبس، فإن الإنسان خلق لغايات أكبر من ذلك.
أما مجرد التمتع بالطيبات والاستكثار منها مع الغفلة عن الاستعداد لما بعد هذه الحياة؛ فإن هذا من طبيعة الكفار، وقد ذمهم الله تعالى في كتابه الكريم بهذا النوع من الذم، فقال سبحانه وتعالى موبخا لهم: {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون} فلا ينبغي للإنسان أن يتشبه بهم في هذا، وقد رأى عمر ابن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - أحد الصحابة وفي يده لحم اشتراه، فقال له: ما هذا؟ قال: لحم، فقال: أفكلما اشتهيت شيئا اشتريته؟ فأين أنت من قول الله تعالى: (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمعتم بها).
فينبغي للإنسان المؤمن العاقل أن يكون متوسطا في أموره كلها، ولكن كما قلنا في أول الأمر: هذا من باب الهدي الكامل والأحسن، وإلا فإن أكل الإنسان لما أحله الله تعالى له لا يعاقب عليه، لا في دنياه ولا في آخرته، ولكن ينبغي للإنسان أن ينظر إلى الأمور الأكمل، وأن يتحرى ويحرص على تحقيق مصالحه على أحسن وجوهها، ومن مصالحه بلا شك في صحته وفي دينه وفي آخرته ألا يسرف في أكله وشربه، وأن يدخر لنفسه فيتصدق بما فضل وزاد إن لم يكن به حاجة إليه، وبذلك يحقق مصالح الدارين.
نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يهدينا لأحسن الأعمال والأخلاق.