في أعقاب اغتيال الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، قالت رئيسة وزراء إسرائيل وقتئذ، غولدا مائير، معلقة على تلك العملية: "اليوم تخلصنا من لواء فكري مسلح. فغسان بقلمه كان يشكل خطرا على إسرائيل أكثر مما يشكله ألف فدائي مسلح".
كانت غولدا مائير، هي التي أصدرت قرارا بتصفية عدد من أعلام الفلسطينيين وقياداتهم، قبل أيام من تنفيذ تلك العملية الإجرامية، التي جرت في الثامن من يوليو/تموز 1972.
وتزامنا مع تطورات حرب الإبادة الوحشية التي تواصل إسرائيل شنها في قطاع غزة والمناطق المحيطة به، تعود إلى الذاكرة تفاصيل الوقائع البشعة التي عانى منها أبناء الشعب الفلسطيني على مدار عقود عدة، والتي تعرض خلالها لمجازر مروعة ارتكبها جنود الاحتلال، هو أشد أنواع الاحتلال همجية في التاريخ الحديث.
وفي هذا السياق الذي تفرضه تلك المجازر التي تتوالى وقائعها، تأتي رواية "عائد إلى حيفا" للكاتب الفلسطيني غسان كنفاني التي صدرت في بيروت عام 1970، آخر رواية له وهو على قيد الحياة، لتروي جانبا من معاناة الشعب الفلسطيني، في ظل بشاعة هذا الاحتلال.
ففي هذه الرواية التي سبق أن اختيرت ضمن قائمة أهم 10 أعمال روائية عربية تمت ترجمتها خلال القرن الـ21، يجسد كنفاني حياة الشباب الفلسطيني الذي تأخذه ظروف الحياة بعيدا عن أرضه، غير أنه عند العودة، يجد أن أمورا كثير قد تعرضت للتغير.
من هنا فإن روايات كنفاني تصنف في خانة أدب ما بعد النكبة، خاصة رواية "عائد إلى حيفا" التي رغم صغر حجمها، فإنه تمكن فيها وببراعة، من عرض واقع القضية الفلسطينية، بأسلوب سردي متمكن.