مع دخول أول دبابة روسية إلى أوكرانيا، دخل العالم في زوبعة التحول من نظام أحادي القطب إلى نظام متعدد الأقطاب.
[size=14]فكان السؤال الصعب: متى تأتي اللحظة التي نرى فيها رسميا أفول النفوذ الأميركي وبداية النظام الجديد؟
فأتى الجواب من غزة.
فالموضوع يتعدى حدود غزة، وأخطر من استعادة الإسلام السياسي زخمه في المنطقة، لأن الفوضى في جميع الأحوال ستكون عنوان المرحلة المقبلة إذا لم تطبخ تسوية قريبا للصراع.
ومن مصلحة الرئيسين الروسي والصيني أن يدعما نصرة الفلسطينيين في هذه الحرب الطاحنة، ويقدما على خطوة متقدمة في صالح الفلسطينيين، لماذا؟
خسارة أوكرانيا الحرب باتت أمرا شبه محسوم، وأميركا لن تتحمل هزيمة أخرى لحليفتها إسرائيل.
خسارة أوكرانيا تعني ضربة قاسية لواشنطن ومن خلفها 50 دولة من المعسكر الغربي أنفقوا مئات مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب، في حرب كان معروفا منذ بدايتها أنها خاسرة لأنها وجودية بالنسبة للدب الروسي.
أما هزيمة إسرائيل استراتيجيا بغض النظر عن تعريف الهزيمة هنا، فتعني ضربة قاسمة لبايدن، بعدما أخذ نتنياهو في الأحضان وأغدق عليه بسخاء أموالا وسلاحا وخبراء عسكريين وغيره.
ماذا يعني أن تعجز أقوى دولة في العالم عن حماية حلفائها؟
ماذا يعني أن تكر مسبحة الخسائر بعد الخروج الأميركي المدوي من أفغانستان؟
ماذا يعني أن تكون زعيمة العالم الحر غير قادرة على حماية مصالحها ومواقع نفوذها كما هو الحال اليوم؟
الكونغرس وتحت ضغط هجمات الميليشيات يناقش خروج القوات الأميركية من سوريا.. القواعد الأميركية تتعرض بشكل يومي لعشرات الهجمات.. الحوثي يسرح ويمرح في البحر الأحمر وإيران تراقب عن كثب تخبط واشنطن بين الجبهة هذه وتلك وترددها في الرد عسكريا.
إيران ليست وحدها من تراقب، فالصين صاحبة النفس الطويل قد يطلق تنينها حممه اللاذعة قريبا في تايوان كذلك.
فإذا فشلت أميركا في أوكرانيا وفشلت بدعم إسرائيل، ما الذي يضمن أنها قد تنجح في دعم تايوان؟
إنه التوقيت المثالي بالنسبة للصين للتحرك عسكريا باتجاه الجزيرة المتمردة، خاصة أن الكونغرس الأميركي لا يجد من الأموال ما يخصصه لتمويل حربين متزامنتين، الأولى في أوكرانيا والثانية في إسرائيل، فكيف له أن يجد المال لتمويل تايوان؟
لكن الصين لن تفعلها لأنها تسعى لإخضاع تايوان دون إطلاق رصاصة واحدة، وتجنب الوقوع في فخ حرب ستفتح عليها نيران العقوبات الغربية.
عدا أن بقاء إسرائيل في حالة تخبط أمني لن يسمح للأميركيين بتمرير خط التجارة الهندي الموازي لطريق الحرير الصيني الجديد.
وأمام هذه التحولات بات ثابتا أن غزة أعادت عقارب الساعة إلى حقبة الحرب العالمية الثانية، التي تشكل في أعقابها مجلس الأمن الدولي، إذ أظهرت الجلسة الأخيرة أنه لم يعد من المقبول أن تتحكم دولة واحدة بمصائر الشعوب، خاصة عندما تكون غالبية الدول داعمة لوقف آلة القتل الإسرائيلية.
إنها ساعة الحقيقة، قد حان وقت إعلان نظام عالمي جديد ووضع أسس جديدة للجسم الدولي الوحيد، المفترض أن يضمن السلم والأمن الدوليين والعدالة الإنسانية، ليبقى السؤال كيف وبأي ثمن[/size]