قال تعالى ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت....)
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
حكمة الله في أن يكون الإنسان ضعيفاً :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الحقيقة أيها الأخوة، أنه من مسلمات العقيدة أن الله واجب الوجود، لكن ما سوى الله ممكن الوجود، معنى ممكن: أي ممكن أن يوجد أو ألا يوجد أصلاً، ما سوى الله ممكن الوجود، وهناك معنى آخر: وإذا وجد يمكن أن يوجد على ما هو عليه الآن، أو على خلاف ما هو عليه، إذاً شاءت حكمة الله أن يكون الإنسان ضعيفاً، قال تعالى:
﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً ﴾
[سورة النساء]
ضعيف، ينهار لأي خبر سيئ، يضعف أمام الأمراض، أمام الفقر، أمام الأقوياء، في أصل خلقه نقطة ضعف أرادها الله عز وجل لحكمة بالغة بالغة بالغة، إن الإنسان خلق ضعيفاً، نقطة الضعف في أصل خلقه، لماذا؟ من حكم هذا الضعف أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ضعيفاً ليفتقر بضعفه إلى الله، فإذا افتقر بضعفه إلى الله سعد بافتقاره، ولو خلقه قوياً لاستغنى بقوته عن الله فشقي باستغنائه، خُلقت ضعيفاً كي تفتقر إلى الله، وبهذا الافتقار إلى الله تكون أسعد الخلق، ولن تكون قوياً لأن القوي يستغني بقوته عن الله فيشقى باستغنائه.
التولي و التخلي :
لذلك الإنسان في أصل خلقه ضعيف، هكذا أراد الله، ولحكمة بالغة بالغة، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها، إنسان قوي له مكانة، غني، عاقل، ترتعد فرائصه لتقرير صحي أن في بعض أنحاء جسمه ورماً خبيثاً،
﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً﴾
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]لكن ما أرادنا أن نكون ضعفاء إلا لنفتقر إلى الله بهذا الضعف، فإذا افتقرنا إليه قوينا، لذلك الصحابة الكرام هم قمم البشر، وهم نخبة البشر، في بدر افتقروا إلى الله، قال تعالى:
﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾
[سورة آل عمران الآية:123]
أي مفتقرون إلى الله، هم هم ومعهم سيد البشر، معهم سيد الخلق وحبيب الحق في حنين اعتدوا بعددهم، فقالوا:
((لن نغلب اليوم من قلة))
[أخرجه البزار عن أنس بن مالك]
فقال تعالى:
﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾
[سورة التوبة]
أي أنت أيها الإنسان بينما أن تقول: الله، فيتولاك، وبين أن تقول: أنا، فيتخلى عنك، أنت بين التولي والتخلي، وهذا الدرس تحتاجه، لا أقول كل يوم، ولا أقول كل ساعة، بل كل دقيقة، لمجرد أن تعزو قوتك إليك يتخلى الله عنك، ولمجرد أن تفتقر إليه يتولاك، هذا القانون إذا قلت: أنا يتخلى عنك، إذا قلت: الله يتولاك.
الكلمات المهلكات في القرآن الكريم :
لذلك قالوا: بعض الكلمات مهلكات: أنا، ونحن، ولي، وعندي، قال إبليس:
﴿ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾
[سورة الأعراف]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]فأهلكه الله، وقال قوم بلقيس:
﴿ قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾
[سورة النمل الآية:33]
فأهلكهم الله، وقال قارون:
﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾
[سورة القصص الآية:78]
﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ ﴾
[سورة القصص الآية:81]
وقال فرعون:
﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ﴾
[ سورة الزخرف الآية: 51]