إن تقطيع الأرحام من أعظم كبائر الذنوب ، وعقوبتها معجلة في الدنيا قبل الآخرة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
} ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة[66] في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم } [67]
- يرى وباله قبل أن يموت
هل يشعر بعاقبة عمله قبل موته ؟ أو يجد شؤم معصية القطيعة في حياته ؟
قال صلى الله عليه وسلم
{ من قطع رحماً أو حلف على يمين فاجرة رأى وباله قبل أن يموت{ [68]
- قطيعة الرحم سبب للعنة الله وعقابه
لما يعاقب قاطع الرحم بالطرد من رحمة الله وبعمى البصر و البصيرة ؟ مع ذكر النصوص التي ورد فيها العقوبة باللعن ؟
من الناس من تموت عواطفه ، ويزيغ عن الرشد فؤاده ، فلا يلتفت إلى أهل ، ولا يسأل عن قريب
إن العار والشنار، فيمن منحه الله جاهاً وأحسن له رزقاً ، ثم يتنكر لأقاربه أو يتعالى عليهم , بل قد يترفع أن ينتسب إليهم فضلاً عن أن يشملهم بمعروفه ويمد لهم يد إحسانه
إن قطيعة الرحم شؤم وخراب ، وسبب للعنة وعمى البصر والبصيرة
ربما كان بين الأخوة والأقارب من القطيعة ما يستحقون به لعنة الله من فوق سماواته
نعم يستحقون اللعنة ، وتحل بهم النقمة وتزول عنهم النعمة
فالحذر من قطيعة الرحم فإنها سبب للعنة الله وعقابه يقول الله عز وجل:
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ(22)أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ(23)} محمد
أسرع الشر عقوبة البغي وقطيعة الرحم ، ومع هذا ترى في بعض من قل نصيبهم من الخير يسارع في قطع صلاته بأقاربه لأدنى سبب , إما لكلمة سمعها، أو شيئا صغيرا رآه، وما درى أنه بهذا قد يجر إلى نفسه وأهله العداوة والجفاء ، فيستحقون اللعنة وزوال النعمة وسوء العاقبة فال عز وجل :
{وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ(2)}الرعد
من لم يصل رحمه ويتعاهد بخيره أقاربه فلا خير فيه ولا نفع منه , من ذا الذي قد فاض ماله يأكل ويشرب ويكتسي ويتمتع وأقاربه الضعفاء عراة جائعون ، ورحمه البؤساء مهملون ضائعون
إن أساس التواصل والرباط الموثق هو التواد والتراحم، وإذا فقد ذلك تقطعت الأوصال، واستشرى الفساد، وحقت لعنة الله عياذا بالله
- القاطع رحمه لا يصله رب العالمين
من المقطوع من رحمة رب العالمين ؟
قال صلى الله عليه وسلم { إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطعية قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك واقطع من قطعك؟ قالت: بلى ، قال: فذلك لكِ ثم قال الرسول: اقرؤوا إن شئتم
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ(22)أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ(23)} محمد { [69]
ومعنى الآية فلعلكم إن أعرضتم عن الدين و لم تتقوا الله أن يترتب على ذلك إفسادكم في الأرض عامة و قطع أرحامكم خاصة فيكون جزاؤكم أن الله يلعنكم بمعنى يطردكم من رحمته و يجعلكم صماً لا تستفيدون بما تسمعون من الوعظ و القرآن عمياً لا تستفيدون بما ترونه من آيات الله يعني تصيرون مثل الصم والعمي في ذلك
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
} الرحم شجنه من الرحمن قال الله: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته } [70]
قال صلى الله عليه وسلم :
{ الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعه الله {[71]
أي تقول بطريقة الإخبار دراية و رواية وحكاية وتلذذ بما سمعت من الله تعالى وأيضاً على سبيل الدعاء وهذا يدل على أن حق الأرحام حق ثابت وأن الله يصل من وصل الرحم من كمال رحمته ورأفته ويقطع من قطع الرحم فيغضب عليه ويعرض عنه نظراً إلى أن الرحم مستجيرة برحمة الله [72]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
} قال الله تعالى: أنا خلقت الرحم، وشققت لها اسماً من اسمي، فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها قطعته ، ومن بتها بتته { [73]
البت القطع الكامل
وقد تكفل الله سبحانه للرحم بأن يقطع من قطعها حتى رضيت بذلك وأعلنته فهي متعلقة بالعرش تقول: من قطعني قطعه الله
وأعظم القطيعة قطيعة من كان أقرب فأقرب من القرابة
قاطع الرحم يأتي بأَبغض الأَعمال إلى اللَّه
كيف رتب رسول الله الأعمال البغيضة ؟
سُئل رسول الله أيّ الأعمال أبغض إلى الله ؟ قال :
{الإشراك بالله , قيل يا رسول الله ثم مه ؟ قال : قطيعة الرحم} [74]
[64] أحمد 2/484 , حسنه الألباني في صحيح الترغيب 2538
[65] المناوي 2 / 540
[66] تقل أموالهم وأعدادهم
هل من شؤم العصية أن يعانوا القاطعون أرحامهم من قلة في الأموال والأولاد ؟
قال صلى الله عليه وسلم :{ ما من معصية الله شيء أعجل عقوبة من قطيعة الرحم ، وإن القوم ليتواصلون وهم فجرة فتكثر أموالهم ، ويكثر عددهم ، وإنهم ليتقاطعون فتقل أموالهم ويقل عددهم{
مصنف عبدالرزاق الحديث :20231
[67] أحمد 5 /36،38 , أبو داود 4902 , صححه الألباني بمجموع طرقه في الصحيحة 2/907
[68] البيهقي 1 / 35 , صححه الألباني بمجموع طرقه في الصحيحة 1121
[69] البخاري 5987
[70] البخاري 5988
[71] البخاري 5989
[72] المرقاة 8 /658
[73] المسند 1 / 191 ، 194 , صحح إسناده أحمد شاكر 1680 , و أبو داود 1694 , صححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب 2528
[74] أبي يعلى 6839 , صححه الألباني في الصحيحة 2522