منتديات قوصاد
أهلا وسهلا بك في منتديات قوصاد ، نتمنى لك قضاء أجمل الأوقات في جنبات المنتدى ، كما يشرفنا أن تسجل معنا وأن تكون عضوا في كوكبة المتميزين
منتديات قوصاد
أهلا وسهلا بك في منتديات قوصاد ، نتمنى لك قضاء أجمل الأوقات في جنبات المنتدى ، كما يشرفنا أن تسجل معنا وأن تكون عضوا في كوكبة المتميزين
منتديات قوصاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات قوصاد

حينما تفكر ... حتما ستبدع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 16373
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ Empty
مُساهمةموضوع: وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ   وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ Empty18/9/2016, 8:05 pm

وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ
[ سورة البقـرة : ١٣٠ ]
ما ملة إبراهيم؟
إنها عبادة الله وحده لا شريك له وعشق التكاليف؛
فإبراهيم وَفَّى كل ما كلفه به الله وزاد عليه. .
وقابل الابتلاء بالطاعة الصبر. .
فعندما ابتلاه الله بذبح ابنه الوحيد لم يتردد
وكان يؤدي التكاليف بعشق ويحاول أن يستبقي المنهج السليم في ذريته.
قوله تعالى: {وَمَن يَرْغَبُ}
يعني يعرض ويرفض.
ويقال رغب في كذا أي أحبه وأراده.
ورغب عن كذا أي صَدَّ عنه وأعرض. .
والذين يصدُّون عن ملة إبراهيم ويرفضونها هؤلاء هم السفهاء الجهلة،
لذلك قال عنهم الله سبحانه وتعالى: {إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ} . .
دليل على ضعف الرأي وعدم التفرقة بين النافع والضار. .
فعندما يكون هناك من ورثوا مالاً وهم غير ناضجي العقل
لا يتفق عقلهم مع سنهم نسميهم السفهاء. .
والسفيه هو من لم ينضج رأيه ولذلك تنقل قوامته على ماله إلى ولي أو وصي؛
لأنه بِسَفَهِهِ غيرُ قادر على أن ينفق المال فيما ينفع.
والقرآن الكريم يعالج هذه المسألة علاجا دقيقا فيقول:
{وَلاَ تُؤْتُواْ السفهآء أَمْوَالَكُمُ التي جَعَلَ الله لَكُمْ قِيَاماً وارزقوهم فِيهَا واكسوهم وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} [النساء: 5]
نلاحظ أن الحق سبحانه وتعالى سمى أموال السفهاء
بأموالي الولي ولم يعتبرها مال السفيه لأنه ليس أهلا للقيام عليها. .
وجعل هذه الأموال تحت إشراف شخص آخر أكثر نضجا وحكمة.
وقوله تعالى: «أموالكم» ليكون الولي أو الوصي حريصا عليها كَمَالِهِ أو أكثر
ولكن هو قيم فقط. .
فإذا بلغ الإنسان سن الرشد أو شفى السفيه من سفاهته
يرد إليه ماله ليتصرف فيه.
ونحن نرى عددا من الأبناء يرفعون قضايا على آبائهم وأمهاتهم
يتهمونهم فيها بالسفه لأنهم لا يحسنون التصرف في أموالهم. .
ثم يأخذون هذه الأموال ويبعثرونها هم. .
والذي يجب أن يعلمه كل من يقوم بهذه العملية
أنه لا حق له في إنفاق المال وتبذيره لحسابه الخاص، و
لكنّ هناك حكمين:
إما أن يكون الشخص فقيرا فله أن يأكل بالمعروف. .
وإما أن يكون غنيا فيجعل عمله في الولاية لله لا يتقاضى عنه شيئا. .
أما أن يأخذ المال ويبعثره على نفسه وشهواته وعلى زوجته وأولاده
فهذا مرفوض ويحاسب عليه. .
والله سبحانه وتعالى يقول:
{وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بالمعروف} [النساء: 6]
إذن الذي يعرض عن ملة إبراهيم هو سفيه لا يملك عقلا يميز بين الضار والنافع. ويقول الله سبحانه وتعالى:
{وَلَقَدِ اصطفيناه فِي الدنيا وَإِنَّهُ فِي الآخرة لَمِنَ الصالحين} . .
اصطفاه في الدنيا بالمنهج وبأن جعله إماما وبالابتلاء. .
وكثير من الناس يظن أن ارتفاع مقامات بعضهم في أمور الدنيا
هو اصطفاء من الله لهم بأن أعطاهم زخرف الحياة الدنيا
ويكون هذا مبررا لأن يعتقدوا أن لهم منزلةً عالية في الآخرة. . نقول لا،
فمنازل الدنيا لا علاقة لها بالآخرة.
ولذلك قال الله تبارك وتعالى: {وَلَقَدِ اصطفيناه فِي الدنيا} . .
وأضاف: {وَإِنَّهُ فِي الآخرة لَمِنَ الصالحين} . .
لنعلم أن إبراهيم عليه السلام له منزلة عالية في الدنيا ونعيم في الآخرة
أي الاثنين معا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 16373
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ Empty
مُساهمةموضوع: رد: وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ   وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ Empty18/9/2016, 8:09 pm

رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ
[ سورة البقـرة : ١٢٩ ]
دعاء إبراهيم عليه السلام الله سبحانه وتعالى
ليتم نعمته على ذريته ويزيد رحمته على عباده. .
بأن يرسل لهم رسولا يبلغهم منهج السماء
حتى لا تحدث فترة ظلام في الأرض
تنتشر فيها المعصية والفساد والكفر ويبعد الناس فيها الأصنام
كما حدث قبل إبراهيم.
كلمة {رَسُولاً مِّنْهُمْ}
ترد على اليهود الذين أحزنهم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من العرب،
وأن الرسالة كان يجب أن تكون فيهم. .
ونحن نقول لهم إن جدنا وجدكم إبراهيم وأنتم من ذرية يعقوب بن اسحق.
ومحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من ذرية إسماعيل بن إبراهيم وأخ لإسحاق. .
ولا حجة لما تدعونه من أن الله فَضَّلَكم واختاركم على سائر الشعوب. .
إنما أراد الحق سبحانه وتعالى أن يسلب منكم النبوة
لأنكم ظلمتم في الأرض وعهد الله لا يناله الظالمون.
أراد الحق تبارك وتعالى أن يقول لهم أن هذا النبي
من نسل إبراهيم وأنه ينتمي إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
وقوله تعالى: {يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ} . . أي آيات القرآن الكريم.
وقوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُمُ الكتاب والحكمة} . .
يجب أن نعرف أن هناك فرقا بين التلاوة وبين التعليم.
فالتلاوة هي أن تقرأ القرآن،
أما التعليم فهو أن تعرف معناها وما جاءت به لتطبقه وتعرف من أين جاءت. .
وإذا كان الكتاب هو القرآن الكريم
فإن الحكمة هي أحاديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
التي قال الحق سبحانه وتعالى فيها في خطابه لزوجات النبي:
{واذكرن مَا يتلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ الله والحكمة} [الأحزاب: 34]
وقوله تعالى: {وَيُزَكِّيهِمْ}
أي ويطهرهم ويقودهم إلى طريق الخير وتمام الإيمان.
وقوله جل جلاله: {إِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم} . .
أي العزيز الذي لا يغلب لجبروته ولا يسأله أحد. .
«والحكيم» الذي لا يصدر منه الشيء إلا بحكمة بالغة.



بالقرآن اهتديت

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 16373
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ Empty
مُساهمةموضوع: رد: وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ   وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ Empty18/9/2016, 8:12 pm

بالقرآن اهتديت

رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
[ سورة البقـرة : ١٢٨ ]
هناك فرق بين أن تُكَلَّفَ بشيء فتفعله بحب،
وأن تفعل شكلية التكليف
وتخرج من عملك خروج الذي ألقى عن كاهله عبء التكليف. .
في هذه الآية الكريمة دعاء إبراهيم وابنه إسماعيل
وكانا يقولان يا رب أنت أمرتنا أن نرفع القواعد من البيت وقد فعلنا ما أمرتنا. .
وليس معنى ذلك أننا اكتفينا بتكليفك لنا
لأننا نريد أن نذوق حلاوة التكليف منك مرات ومرات. .
{رَبَّنَا واجعلنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ}
نسلم كل أمورنا إليك.
إن الإنسان لا يمكن أن ينتهي من تكليف ليطلب تكليفا غيره
إلا إذا كان قد عشق حلاوة التكليف ووجد فيه استمتاعا. .
ولا يجد الإنسان استمتاعا في التكليف إلا إذا استحضر الجزاء عليه. .
كلما عمل شيئا استحضر النعيم الذي ينتظره على هذا العمل فطلب المزيد.
إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بمجرد أن فرغا من رفع القواعد من البيت قالا:
{رَبَّنَا واجعلنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ}
ولم يكتفيا بذلك بل أرادا امتداد حلاوة التكليف إلى ذريتهما من بعدهما. .
فيقولان: {وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ} . .
ليتصل أمد منهج الله في الأرض
ويستمر التكليف من ذرية إلى ذرية إلى يقوم القيامة. .
ثم يقولان: {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} . .
أي بين لنا يا رب ما تريده منا.
بين لنا كيف نعبدك وكيف نتقرب إليك. .
والمناسك هي الأمور التي يريد الله سبحانه وتعالى أن نعبده بها.
وقوله: {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا}
ترينا أن إبراهيم يرغب في فتح أبواب التكليف على نفسه،
لأنه لا يرى في كل تكليف إلا تطهيرا للنفس وخيرا للذرية ونعيما في الآخرة. .
ولذلك يقول كما يروي لنا الحق: {وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التواب الرحيم} . .
وتب علينا ليس ضروريا أن نفهمها على أنها توبة من المعصية. .
وأن إبراهيم وإسماعيل وقعا في المعصية فيريدان التوبة إلى الله. .
وإنما لأنهما علما أن من سيأتي بعدهما سيقع في الذنب فطلبا التوبة لذريتهما. . ومن أين عَلِما؟
عندما قال الله سبحانه وتعالى لإبراهيم:
{وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إلى عَذَابِ النار وَبِئْسَ المصير} . .
لقد طلبا من الله تبارك وتعالى التوبة والرحمة لذريتهما. .
والله يحب التوبة من عباده وهو سبحانه أفرح بتوبة عبده المؤمن
من أحدكم وقع على بعيره وقد أضله في فلاة. .
لأن المعصية عندما تأخذ الإنسان من منهج الله لتعطيه نفعا عاجلا
فإن حلاوة الإيمان إن كان مؤمنا ستجذبه مرة أخرى إلى الإيمان
بعيدا عن المعاصي. .
ولذلك قيل إن انتفعت بالتوبة وندمت على ما فعلت
فإن الله لا يغفر لك ذنوبك فقط ولكن يبدل سيئاتك حسنات. .
وقلنا أن تشريع التوبة كان وقاية للمجتمع كله من أذى وشر كبير. .
لأنه لو كان الذنب الواحد يجعلك خالدا في النار
ولا توبة بعده لتجبر العصاة وازدادوا شرا. .
ولأصيب المجتمع كله بشرورهم ولَيَئِسَ الناس من آخرتهم
لأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول:
«كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون»
لذلك فمن رحمة الله سبحانه أنه شرع لنا التوبة ل
يرحمنا من شراسة الأذى والمعصية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 16373
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ Empty
مُساهمةموضوع: رد: وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ   وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ Empty18/9/2016, 8:21 pm

وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
[ سورة البقـرة : ١٢٧ ]
يقول الله سبحانه وتعالى لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
اذكر عندما كان إبراهيم يرفع القواعد من البيت. .
وجاءت {يَرْفَعُ} هنا فعلا مضارعا
لِتصويرِ الحدث الآن وفي المستقبل.
ولكن هل يرفع إبراهيم القواعد من البيت الآن؟ أم أنه رفع وانتهى؟
طبعا هو رفع وانتهى،
ولكن الله سبحانه وتعالى يريد أن يستحضر حالة إبراهيم وإسماعيل
وهما يرفعان القواعد من البيت. .
والله يريد من المؤمنين أن يتصوروا عملية الرفع،
فلم يكن إبراهيم يملك سلما حتى يرفعه ويقف فوقه،
ولم يكن يملك «سقالة» . .
ولكن غياب هذه النعم لم يمنع إبراهيم من أن يتحايل ويأتي بالحجر.
إن الله يريد منا ألا ننسى هذه العملية،
وإبراهيم وابنه إسماعيل يذهبان للبحث عن حجر،
ولابد أن يكون الحجر خفيف الوزن ليستطيعا أن يحملاه إلى مكان البناء. .
ثم يقف إبراهيم على الحجر وإسماعيل يناوله الأحجار الأخرى
التي سيتم بها رفع القواعد من البيت.
ورغم المشقة التي يتحملها الاثنان. . هما سعيدان. .
وكل ما يطلبانه من الله هو أن يتقبل منهما.
والقبول والمقابلة والاستقبال كلها من مادة مواجهة. .
أي أنهما يسألان الله في موقف المعرض عن عمله،
إنهما لا يريدان إلا الثواب: {تَقَبَّلْ مِنَّآ}
أي أعطنا الثواب عما نعمله لأجلك وتنفيذا لأمرك.
وقوله تعالى: {إِنَّكَ أَنتَ السميع العليم} . .
أي أنت يا رب السميع الذي تسمع دعاءنا وتسمع ما نقول. .
«والعليم» . . العليم بنيتنا ومدى إخلاصنا لك. .
وإننا نفعل هذا العمل ابتغاء لوجهك ولا نقصد غيرك. .
ذلك أن الأعمال بالنيات، وقد يعمل رجلان عملا واحدا. أ
حدهما يثاب لأنه يعمله إرضاء لله وتقربا منه
والآخر لا يثاب لأنه يفعله من أجل الدنيا.
والله سبحانه وتعالى عليم بالنية فإن كان العمل خاصا لله تقبله،
وإذا لم يكن خالصا لوجهه لا يتقبله. .
ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول:
«إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه»
إذن فالعمل إن لم يكن خالصا لله فلا ثواب عليه.
study study study study study study study study study study study

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 16373
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ Empty
مُساهمةموضوع: رد: وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ   وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ Empty18/9/2016, 8:32 pm

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ

[ سورة البقـرة : ١٢٦ ]

يقول الحق سبحانه وتعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا البيت مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً} . .
ومادام الله قد جعله أمنا فما هي جدوى دعوة إبراهيم أن تكون مكة بلدا آمنا. .

نقول إذا رأيت طلبا لموجود فاعلم أن القصد منه هو دوام بقاء ذلك الموجود. .
فكأن إبراهيم يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يديم نعمة الأمن في البيت. .
ذلك لأنك عندما تقرأ قول الحق تبارك وتعالى:

{يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ آمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ والكتاب الذي نَزَّلَ على رَسُولِهِ والكتاب الذي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بالله وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ واليوم الآخر فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً} [النساء: 136]

هو خاطبهم بلفظ الإيمان ثم طلب منهم أن يؤمنوا. . كيف؟
نقول إن الله سبحانه يأمرهم أن يستمروا ويداوموا على الإيمان. .
ولذلك فإن كل مطلوب لموجود هو طلبٌ لاستمرار هذا الموجود.

وقول إبراهيم: {رَبِّ اجعل هذا بَلَداً آمِناً} . .

أي يا رب إذا كنت قد جعلت هذا البيت آمنا من قبل فأمنه حتى قيام الساعة. . ليكون كل من يدخل إليه آمنا لأنه موجود في واد غير ذي زرع. .
وكانت الناس في الماضي تخاف أن تذهب إليه لعدم وجود الأمان في الطريق. .
أو آمنا أي أن يديم الله على كل من يدخله نعمة الإيمان.

وقوله تعالى: {اجعل هذا بَلَداً آمِناً}
تكررت في آية أخرى تقول: {اجعل هذا البلد آمِناً} . .
فمرة جاء بها نكرة ومرة جاء بها معرفة. .
نقول إن إبراهيم حين قال: {رَبِّ اجعل هذا البلد آمِناً} . .
طلب من الله شيئين. .
أن يجعل هذا المكان بلدا وأن يجعله آمنا.
ما معنى أن يجعله بلدا؟ هناك أسماء تؤخذ من المحسات. .

كلمة بلد حين تسمعها تنصرف إلى المدينة. .
والبلد هو البقة تنشأ في الجلد فتميزه عن باقي الجلد
كأن تكون هناك بقعة بيضاء في الوجه أو الذراعين
فتكون البقعة التي ظهرت مميزة ببياض اللون. .
والمكان إذا لم يكن فيه مساكن ومبان فيكون مستويا بالأرض
لا تستطيع أن تميزه بسهولة. .
فإذا أقمت فيه مباني جعلت فيه علامة تميزه عن باقي الأرض المحيطة به.

وقوله تعالى: {وارزق أَهْلَهُ مِنَ الثمرات} . .

هذه من مستلزمات الأمن لأنه مادام هناك رزق وثمرات
تكون مقومات الحياة موجودة فيبقى الناس في هذا البلد. .

ولكن إبراهيم قال: {وارزق أَهْلَهُ مِنَ الثمرات مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ}
فكأنه طلب الرزق للمؤمنين وحدهم. . لماذا؟
لأنه حينما قال له الله: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} [البقرة: 124]
قال إبراهيم: {وَمِن ذُرِّيَّتِي} [البقرة: 124]
قال الله سبحانه: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين} [البقرة: 124]

فخشي إبراهيم وهو يطلب لمن سيقيمون في مكة
أن تكون استجابة الله سبحانه كالاستجابة السابقة. .
كأن يقال له لا ينال رزق الله الظالمون. فاستدرك إبراهيم وقال:
{وارزق أَهْلَهُ مِنَ الثمرات مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} . .
ولكن الله سبحانه أراد أن يلفت إبراهيم
إلى أن عطاء الألوهية ليس كعطاء الربوبية. .
فإمامة الناس عطاء ألوهية لا يناله إلا المؤمن،
أما الرزق فهو عطاء ربوبية يناله المؤمن والكافر.
لأن الله هو الذي استدعانا جميعا إلى الحياة وكفل لنا جميعا رزقنا. .
وكأن الحق سبحانه حين قال: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين} . .
كان يتحدث عن قيم المنهج التي لا تعطى إلا للمؤمن
ولكن الرزق يعطى للمؤمن والكافر. .

لذلك قال الله سبحانه: {وَمَن كَفَرَ} . .
وفي هذا تصحيح مفاهيم بالنسبة لإبراهيم
ليعرف أن كل من استدعاه الله تعالى للحياة له رزقه مؤمنا كان أو كافرا.
والخير في الدنيا على الشيوع.
فمادام الله قد استدعاك فإنه ضمن لك رزقك.
إن الله لم يقل للشمس أشرقي على أرض المؤمن فقط،
ولم يقل للهواء لا يتنفسك ظالم
وإنما أعطى نعمة استبقاء الحياة واستمرارها لكل من خلق آمن أو كفر. .

ولكن من كفر قال عنه الله سبحانه وتعالى: {وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً} . .
التمتع هو شيء يحبه الإنسان ويتمنى دوامه وتكراره.
وقوله تعالى: {فَأُمَتِّعُهُ}
دليل على دوام متعته، أي له المتعة في الدنيا.
ولكل نعمة متعة، فالطعام له متعة والشراب له متعة والجنس له متعة. .
إذن التمتع في الدنيا بأشياء متعددة.
ولكن الله تبارك وتعالى وصفه بأنه قليل. .
لأن المتعة في الدنيا مهما بلغت وتعدّدت ألوانها فهي قليلة.

واقرأ قوله تعالى: {ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إلى عَذَابِ النار} . .

ومعنى أضطره أنه لا اختيار له في الآخرة،
فكأن الإنسان له اختيار في الحياة الدنيا يأخذ هذا ويترك هذا
ولكن في الآخرة ليس له اختيار. .
فلا يستطيع وهو من أهل النار مثلا أن يختار الجنة
بل إن أعضاءه المسخرة لخدمته في الحياة الدنيا والتي يأمرها بالمعصية فتفعل،
لا ولاية له عليها في الآخرة وهذا معنى قوله سبحانه:

{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [النور: 24]

أي أن الجوارح التي كانت تطيع الكافر في المعاصي في الدنيا
لا تطيعه يوم القيامة؛
فاللسان الذي كان ينطق كلمة الكفر والعياذ بالله
يأتي يوم القيامة يشهد على صاحبه. .
والقدم التي كانت تمشي إلى أماكن الخمر واللهو والفسوق تشهد على صاحبها، واليد التي كانت تقتل وتسرق تشهد على صاحبها.

وقوله: «اضطره»
معناه أن الإنسان يفقد اختياره في الآخرة ثم ينتهي إلى النار و
إلى العذاب الشديد مصداقا لقوله تعالى:
{ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إلى عَذَابِ النار وَبِئْسَ المصير} . .
أي أن الله سبحانه وتعالى يحذر الكافرين
بأن لهم النار والعذاب في الآخرة ليس على اختيار منهم ولكن وهم مقهورون.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 16373
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ Empty
مُساهمةموضوع: رد: وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ   وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ Empty18/9/2016, 8:42 pm

وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ
[ سورة البقـرة : ١٢٥ ]
وضّحت لنا الآية التي سبقت أن اليهود قد انتفت صلتهم بإبراهيم عليه السلام. . بعد أن تركوا القيم والدين واتجهوا إلى ماديات الحياة. .
أنتم تدعون أنكم أفضل شعوب الأرض لأنكم من ذرية إسحق بن إبراهيم
والعرب لهم هذه الأفضلية والشرف لأنهم من ذرية إسماعيل بن إبراهيم. .
إذن فأنتم غير مفضلين عليهم. .
فإذا انتقلنا إلى قصة بيت المقدس وتحول القبلة إلى الكعبة. .
نقول إن ذلك مكتوب منذ بداية الخلق أن تكون الكعبة قبلة كل من يعبد الله.
الحق سبحانه وتعالى يقول:
{وَإِذْ جَعَلْنَا البيت مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً} . .
تأمل كلمة البيت وكلمة مثابة. .
بيت مأخوذ من البيتوته وهو المأوى الذي تأوى إليه وتسكن فيه
وتستريح وتكون فيه زوجتك وأولادك. . و
لذلك سميت الكعبة بيتا لأنها هي المكان الذي يستريح إليه كل خلق الله. .
ومثابة يعني مرجعا تذهب إليه وتعود. .
ولذلك فإن الذي يذهب إلى بيت الله الحرام مرة يحب أن يرجع مرات ومرات. .
إذن فهو مثابة له لأنه ذاق حلاوة وجوده في بيت ربه. .
وأتحدى أن يوجد شخص في بيت الله الحرام
يشغل ذهنه غير ذكر الله وكلامه وقرآنه وصلاته. .
تنظر إلى الكعبة فيذهب كل ما في صدرك من ضيق وهم وحزن
ولا تتذكر أولادك ولا شئون دنياك
ولو ظلت جاذبية بيت الله في قلوب الناس مستمرة
لتركوا كل شئون دنياهم ليبقوا بجوار البيت. .
ولذلك كان عمر بن الخطاب حريصا على أن يعود الناس إلى أوطانهم وأولادهم
بعد انتهاء مناسك الحج مباشرة. .
ومن رحمة الحق سبحانه أن الدنيا تختفي من عقل الحاج وقلبه. .
لأن الحجيج في بيت ربهم. .
وكلما كربهم شيء أو همهم شيء توجهوا إلى ربهم وهم في بيته
فيذهب عنهم الهم والكرب. .
ولذلك فإن الحق سبحانه وتعالى يقول:
{فاجعل أَفْئِدَةً مِّنَ الناس تهوي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37]
أفئدة وليست أجساما وتهوى أي يلقون أنفسهم إلى البيت. .
والحج هو الركن الوحيد الذي يحتال الناس ليؤدوه. .
حتى غير المستطيع يشق على نفسه ليؤدي الفريضة. .
والذي يؤديه مرة ويسقط عنه التكليف يريد أن يؤديه مرة أخرى ومرات.
إن من الخير أن تترك الناس يثوبون إلى بيت الله. .
ليمحو الله سبحانه ما في صدورهم من ضيق وهموم مشكلات الحياة.
وقوله تعالى: {مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً} . .
أمنا يعني يؤمّن الناس فيه. .
العرب حتى بعد أن تحللوا من دين إسماعيل وعبدوا الأصنام
كانوا يؤمنون حجاج بيت الله الحرام. .
يلقي أحدهم قاتل أبيه في بيت الله فلا يتعرض له إلا عندما يخرج.
والله سبحانه وتعالى يضع من التشريعات ما يريح الناس من تقاتلهم
ويحفظ لهم كبرياءهم فيأتي إلى مكان ويجعله آمنا. .
ويأتي إلى شهر ويجعله آمنا لا قتال فيه
لعلهم حين يذوقون السلام والصفاء يمتنعون عن القتال.
والكلام عن هذه الآية يسوقنا إلى توضيح الفرق بين
أن يخبرنا الله أن البيت آمن وأن يطلب منا جعله آمنا. .
إنه سبحانه لا يخبرنا بأن البيت آمن ولكن يطلب منا أن نؤمّن من فيه. .
الذي يطيع ربه يؤمن من في البيت والذي لا يطيعه لا يؤمنه. .
عندما يحدث هياج من جماعة في الحرم اتخذته ستاراً لتحقيق أهدافها. .
هل يتعارض هذا مع قوله تعالى:
{مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً} . .
نقول لا. . إن الله لم يعط لنا هذا كخبر ولكن كتشريع. .
إن أطعنا الله نفذنا هذا التشريع وإن لم نطعه لا ننفذه.
وقوله تعالى: {واتخذوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} . .
وهنا نقف قليلا فهناك مَقام بفتح الميم ومُقام بضم الميم. .
قوله تعالى: {ياأهل يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ} [الأحزاب: 13]
مَقام بفتح الميم إسم لمكان من قام. .
ومُقام بضم الميم اسم لمكان من أقام. .
فإذا نظرت إلى الإقامة فقل مُقام بضم الميم. .
وإذا نظرت إلى مكان القيام فقل مقام بفتح الميم. .
إذن فقوله تعالى: {واتخذوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}
بفتح الميم اسم المكان الذي قام إبراهيم فيه ليرفع القواعد من البيت
ويوجد فيه الحجر الذي وقف إبراهيم عليه وهو يرفع القواعد.
ولكن لماذا أمرنا الله بأن نتخذ من مقام إبراهيم مصلى؟
لأنهم كانوا يتحرجون عن الصلاة فيه. .
فالذي يصلي خلف المقام يكون الحجر بينه وبين الكعبة. .
وكان المسلمون يتحرجون أن يكون بينهم وبين الكعبة شيء
فيخلون من الصلاة ذلك المكان الذي فيه مقام إبراهيم. .
ولذلك قال سيدنا عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ألا نتخذ من مقام إبراهيم مصلى؟
وسؤال عمر ينبع من الحرص على عدم الصلاة وبينه وبين الكعبة عائق
وهم لا يريدون ذلك. .
ولما رأى عمر مكانا في البيت ليس فيه صلاة يصنع فجوة بين المصلين
أراد أن تعم الصلاة كل البيت. .
فنزلت الآية الكريمة: {واتخذوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} .
وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد أمرنا أن نتخذ من مقام إبراهيم مصلى. .
فكأنه جل جلاله أقر وجود مكان إبراهيم في مكانه
فاصلا بين المصلين خلفه وبين الكعبة. .
وذلك لأن مقام إبراهيم له قصة تتصل بالعبادة وإتمامها على الوجه الأكمل،
والمقام سيعطينا حيثية الإتمام لأن الله سبحانه وتعالى يقول:
{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ} [آل عمران: 97]
إذن هناك آيات واضحة يريدنا الله سبحانه أن نراها ونتفهمها. .
فمقام إبراهيم هو مكان قيامه عندما أمره الله برفع القواعد من البيت. .
والترتيب الزمني للأحداث هو أن البيت وُجد أولا. .
ثم بعد ذلك رفعت القواعد ووضع الحجر الأسود في موقعه وقد وضعه إبراهيم عليه السلام.
إن الله سبحانه وتعالى لا يريد أن يعطينا التاريخ بقدر ما يريد أن يعطينا العبرة؛ فقصة بناء البيت وقع فيها خلاف بين العلماء. . متى بني البيت؟
بعض العلماء جعلوا بداية البناء أيام إبراهيم
وبعضهم يرى أنه من عهد آدم وفريق ثالث يقول إنه من قبل آدم. .
وإذا حكمنا المنطق والعقل وقرأنا قول الحق تبارك وتعالى:
{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القواعد مِنَ البيت وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ السميع العليم} [البقرة: 127]
نسأل ما الرفع أولا؟ هو الصعود والإعلاء،
فكل بناء له طول وله عرض وله ارتفاع. .
ومادامت مهمة إبراهيم هي رفع القواعد فكأن هناك طولا وعرضا للبيت
وإن إبراهيم سيحدد البعد الثالث وهو الارتفاع. .
إن البيت كان موجودا قبل إبراهيم. .
ثم جاء الطوفان الذي غمر الأرض في عهد نوح فأخفى معالمه. .
فأراد الله سبحانه وتعالى أن يظهره ويبين مكانه للناس.
والكعبة ليست هي البيت ولكنها هي المكين الذي يدلنا على مكان البيت. .
إذن فالذين فهموا من قوله تعالى:
{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القواعد مِنَ البيت} . .
بمعنى أن إبراهيم هو الذي بنى البيت. .
نقول لهم إن البيت كان موجودا قبل إبراهيم
وأن مهمة إبراهيم اقتصرت على رفع القواعد لإظهار مكان البيت للناس. .
ودليلنا على ذلك أنه الآن وقد ارتفع البناء حول الكعبة. .
من يصلي على السطح لا يسجد للكعبة ولكنه يسجد لجوّ الكعبة. .
ومن يصلي في الدور الأسفل يصلي أيضا للكعبة لأن المكان غير المكين.
ولعل أكبر دليل على ذلك من القرآن الكريم. .
أن إبراهيم حين أخذ هاجر وابنها إسماعيل وتركهما في بيت الله الحرام
ولم يكن قد بنى الكعبة في ذلك الوقت. .
ذكر البيت واقرأ قول الحق تبارك وتعالى في دعاء إبراهيم وهو يترك هاجر وطفلها الرضيع:
{رَّبَّنَآ إني أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المحرم رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصلاة} [إبراهيم: 37]
يعني أن البيت كان موجودا وإسماعيل طفل رضيع. .
ولكن القواعد من البيت قد أقيمت بعد أن أصبح إسماعيل شابا يافعا
يستطيع أن يعاون أباه في بناء الكعبة. .
إذن فمكان بيت الله الحرام كان موجودا قبل أن يبني إبراهيم عليه السلام الكعبة. . ولكن مكان البيت لم يكن ظاهرا للناس،
ولذلك بين الله سبحانه وتعالى لإبراهيم مكان البيت حتى يضع له العلامة التي تدل الناس عليه. .
واقرأ قوله تبارك وتعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ البيت أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً} [الحج: 26]
إن كثيرا من المفسرين يخفى عليهم حقيقة ما جاء في القرآن.
والمفروض أننا حين نتعرض لقضية بناء البيت لابد أن نستعرض جميع الآيات
التي وردت في القرآن الكريم حول هذه القصة. .
ومنها قوله تبارك وتعالى:
{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 96]
والكلام هنا عن البيت. والقول إنه وضع للناس.
والناس هم آدم وذريته حتى تقوم الساعة. .
وعلى ذلك لابد أن نفهم أن البيت مادام وضع للناس فالناس لم يضعوه. .
ولكن الله سبحانه وتعالى هو الذي وضعه وحدده،
وعدل الله يأبى إلا أن يوجد البيت قبل أن يخلق آدم.
ولذلك فإن الملائكة هم الذين وضعوه بأمر الله وحيث أراد الله لبيته أن يوضع. .
والله مع نزول آدم إلى الأرض شرع التوبة
وأعد هذا البيت ليتوب الناس فيه إلى ربهم وليقيموا الصلاة ويتعبدوا فيه.
وعندما أراد إبراهيم أن يقيم القواعد من البيت
كان يكفي أن يقيمها على قدر طول قامته ولكنه أتى بالحجر ليزيد القواعد بمقدار ارتفاع الحجر. .
ويريد الله سبحانه وتعالى بمقام إبراهيم واتخاذه مصلى
أن يلفتنا إلى أن الإنسان المؤمن لابد أن يعشق التكليف. .
فلا يؤديه شكلا ولكن يؤديه بحب ويتحايل ليزيد تطوعا من جنس ما فرض الله عليه. إن الحجر الموجود في مقام إبراهيم إنما هو دليل على عشقه عليه السلام
لتكاليف ربه ومحاولته أن يزيد عليها.
وإن الحجر الذي كان يقف عليه إبراهيم به حفر على شكر قدميه. .
وهما بين قائل أن الحجر لان تحت قدمي إبراهيم من خشية الله. .
وبين قائل إن إبراهيم هو الذي قام بحفر مكان في الحجر على هيئة قدميه. .
حتى إذا وقف عليه ورفع يده إلى أعلى ما يمكن ليعلي القواعد من البيت كان توازنه محفوظا.
وقوله تعالى: {طَهِّرَا بَيْتِيَ}
دليل على البيت زالت معالمه تماما وأصبح مثل سائر الأرض
فذبحت فيه الذبائح وألقيت المخلفات،
فأمر الله سبحانه وتعالى أن يطهر هو وإسماعيل البيت من كل هذا الدنس
ويجعله مكانا لثلاث طوائف:
«الطائفين» وهذه مأخوذة من الطواف وهو الدوران حول الشيء. .
ولذلك يسمون شرطة الحراسة بالليل طوافة لأنهم يطوفون في الشوارع في أثناء الليل.
والله جل جلاله يقول:
{فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كالصريم} [القلم: 19 - 20]
وهذه هي قصة الحديقة التي منع أولاد الرجل الصالح بعد وفاته
حق الفقراء والمساكين فيها فأرسل الله سبحانه من طاف بها. .
أي مشى في كل جزء منها فأحرق أشجارها. .
فالطائف هو الذي يطوف. .
{والعاكفين} هم المقيمون
{والركع السجود} هم المصلون فتطهير البيت للطواف به والإقامة والصلاة فيه. .
وهو مطهر أيضا لأنه سيكون قبلة للمسلمين لكل راكع أو ساجد في الأرض حتى قيام الساعة.


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 16373
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ Empty
مُساهمةموضوع: رد: وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ   وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ Empty18/9/2016, 8:46 pm

وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ
[ سورة البقـرة : ١٢٤ ]
يأتي الحق سبحانه وتعالى إلى قصة إبراهيم عليه السلام. .
ليصفي الجدل والتشكيك الذي أحدثه اليهود عند تغيير القبلة. .
واتجاه المسلمين إلى الكعبة المشرفة بدلا من بيت المقدس. .
كذلك الجدل الذي أثاره اليهود بأنهم شعب الله المختار وأنه لا يأتي نبي إلا منهم.
يريد الله تبارك وتعالى أن يبين صلة العرب بإبراهيم وصلتهم بالبيت. .
قوله تعالى: {وَإِذِ ابتلى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} . .
معناها اذكر وقت أن ابتلى إبراهيم بكلمات. ما معنى الابتلاء؟
الناس يظنون أنه شر ولكنه في الحقيقة ليس كذلك. .
لأن الابتلاء هو إمتحان إن نجحنا فيه فهو خير وإن رسبنا فيه فهو شر. .
فالابتلاء ليس شرا ولكنه مقياس لاختبار الخير والشر.
الذي ابتلى هو الله سبحانه. . هو الرب. .
والرب معناه المربي الذي يأخذ من يربيه بأساليب تؤهله إلى الكمال المطلوب منه. . ومن أساس التربية أن يمتحن المربي من يربيه ليعلم هل نجح في التربية أم لا؟ والابتلاء هنا بكلمات والكلمات جمع كلمة. .
والكلمة قد تطلق على الجملة مثل قوله تعالى:
{وَيُنْذِرَ الذين قَالُواْ اتخذ الله وَلَداً مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً} [الكهف: 4 - 5]
إذن فالكلمة قد تطلق على الجملة وقد تطلق على المفرد. .
كأن تقول مثلا محمد وتسكت. . وفي هذه الحالة لا تكون جملة مفيدة. .
والكلمة المرادة في هذه الآية هي التكليف من الله.
قوله سبحانه إفعل ولا تفعل. .
فكأن التكليف من الله مجرد كلمة وأنت تؤدي مطلوبها أو لا تؤديه. .
وقد اختلف العلماء حول الكلمات التي تلقاها إبراهيم من ربه. .
نقول لهم أن هذه الكلمات لابد أن تناسب مقام إبراهيم أبي الأنبياء. .
إنها ابتلاء يجعله أهلا لحمل الرسالة. . أي لابد أن يكون الابتلاء كبيراً. .
ولقد قال العلماء إن الابتلاءات كانت عشرة وقالوا أربعين منها عشرة في سورة التوبة وهي قوله تعالى:
{التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عَنِ المنكر والحافظون لِحُدُودِ الله} [التوبة: 112]
وهذه رواية عبد الله بن عباس. . وعشرة ثانية في سورة المؤمنون. وفي قوله سبحانه:
{قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ والذين هُمْ عَنِ اللغو مُّعْرِضُونَ والذين هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابتغى وَرَآءَ ذلك فأولئك هُمُ العادون والذين هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ والذين هُمْ على صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أولئك هُمُ الوارثون} [المؤمنون: 1 - 10] وبعد ذلك قال: {أولئك هُمُ الوارثون} .
وفي سورة الأحزاب يذكر منهم قوله جل جلاله:
{إِنَّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فُرُوجَهُمْ والحافظات والذاكرين الله كَثِيراً والذاكرات أَعَدَّ الله لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب: 35]
وفي سورة المعارج يقول:
{إِلاَّ المصلين الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ والذين في أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّآئِلِ والمحروم والذين يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدين والذين هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابتغى وَرَآءَ ذَلِكَ فأولئك هُمُ العادون والذين هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ وَالَّذِينَ هُمْ على صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المعارج: 22 - 34]
إن الله ابتلى إبراهيم بكلمات تكليفية افعل كذا ولا تفعل كذا. .
وابتلاه بأن أُلقِي في النار وهو حي فلم يجزع ولم يتراجع ولم يتجه إلا لله
وكانت قمة الابتلاء أن يذبح ابنه.
وكون إبراهيم أدى جميع التكليفات بعشق وحب وزاد عليه من جنسها. .
وكونه يلقى في النار ولا يبالي يأتيه جبريل فيقول ألك حاجة فيرد إبراهيم أما إليك فلا. . وأما إلى الله فعلمه بحالي يغنيه عن سؤالي. .
وكونه وهو شيخ كبير يبتلى بذبح ابنه الوحيد فيطيع بنفس مطمئنة ورضا بقدر الله. . يقول الحق:
{أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ موسى وَإِبْرَاهِيمَ الذي وفى} [النجم: 36 - 37]
أي وَفَّي كل ما طلب منه وأداه بعشق للمنهج ولابتلاءات الله. .
لقد نجح إبراهيم عليه السلام في كل ما ابتلي به أو اختبر به. .
والله كان أعز عليه من أهله ومن نفسه ومن ولده. . ماذا كافأه الله به؟
قال: {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} [البقرة: 124]
أي أن الحق تبارك وتعالى أئتمنه أن يكون إماماً للبشر. .
والله سبحانه كان يعلم وفاء إبراهيم ولكنه اختبره
لنعرف نحن البشر كيف يصطفي الله تعالى عباده المقربين
وكيف يكونوا أئمة يتولون قيادة الأمور. .
استقبل إبراهيم هذه البشرى من الله وقال كما يروي لنا القرآن الكريم:
{قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي} [البقرة: 124]
ما هي الذرية؟
هي النسل الذي يأتي والولد الذي يجئ. .
لأنه يحب استطراق الخير على أولاده وأحفاده وهذه طبيعة البشر،
فهم يعطون ثمرة حركتهم وعملهم في الحياة لأولادهم وأحفادهم وهم مسرورون. . ولذلك أراد إبراهيم أن ينقل الإمامية إلى أولاده وأحفاده. .
حتى لا يحرموا من القيم الإيمانية تحرس حياتهم وتؤدي بهم إلى نعيم لا يزول. . ولكن الله سبحانه وتعالى يرد على إبراهيم بقضية إيمانية أيضا هي تقريع لليهود. . الذي تركوا القيم وعبدوا المادة فيقول جل جلاله:
{لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين} [البقرة: 124]
فكأن إبراهيم بأعماله قد وصل إلى الإمامية. .
ولكن هذا لا ينتقل إلا للصالحين من عباده العابدين المسبحين.
وقول الحق سبحانه: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين}
مقصود به اليهود الذين باعوا قيمهم الإيمانية بالمادة،
وهو استقراء للغيب أنه سيأتي من ذرية إبراهيم من سيفسق ويظلم.
ومن العجائب أن موسى وهارون عليهما السلام كانا رسولين. .
الرسول الأصيل موسى وهارون جاء ليشد أزره لأنه فصيح اللسان. .
وشاءت إرادة الله سبحانه أن تستمر الرسالة في ذرية هارون
وليس في ذرية موسى. . والرسالة ليست ميراثا. .
وقوله تعالى {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين} . .
فكأن عهد الله هو الذي يجذب صاحبه أي هو الفاعل. .
نأتي بعد ذلك إلى مسألة الجنس والدم واللون. .
بنوة الأنبياء غير بنوة الناس كلهم فالأنبياء اصطفاؤهم اصطفاء قيم
وأبناؤهم هم الذين يأخذون منهم هذه القيم
وليسوا الذين يأخذون الجنس والدم واللون. .
ولو رجعنا إلى قصة نوح عليه السلام حين غرق ابنه. .
رفع يديه إلى السماء وقال: {رَبِّ إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي} [هود: 45]
فرد عليه الحق سبحانه وتعالى فقال:
{إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: 46]
إن أهل النبوة هم الذين يأخذون القيم عن الأنبياء. .
ولولا أن الحق سبحانه قال لنا {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} . .
لاعتقدنا أنه ربما جاء من رجل آخر أو غير ذلك. .
ولكن الله يريدنا أن نعرف أن عدم نسبة ابن نوح إلى أبيه بسبب
{إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» وَمَن كان منكم مريضًا أو على.
» (( حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ )
» درة قرآنيــــــــة للتأمل..( وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَــــــــــــــا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ
» وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ
» وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات قوصاد :: المنتديات الإسلامية :: قوصاد القرآن الكريم-
انتقل الى:  
عداد الزوار
زوار المنتدى منذ يوم الجمعة 17-12-2010

free counters
" جميع المواضيع والردود فى المنتدى لاتعبر عن رأي الإدارة بل تعبر عن رأى كاتبها فقط "