منتديات قوصاد
أهلا وسهلا بك في منتديات قوصاد ، نتمنى لك قضاء أجمل الأوقات في جنبات المنتدى ، كما يشرفنا أن تسجل معنا وأن تكون عضوا في كوكبة المتميزين
منتديات قوصاد
أهلا وسهلا بك في منتديات قوصاد ، نتمنى لك قضاء أجمل الأوقات في جنبات المنتدى ، كما يشرفنا أن تسجل معنا وأن تكون عضوا في كوكبة المتميزين
منتديات قوصاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات قوصاد

حينما تفكر ... حتما ستبدع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 هجرة الرسول وصحبه من مكة إلى المدينة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 15408
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

هجرة الرسول وصحبه من مكة إلى المدينة Empty
مُساهمةموضوع: هجرة الرسول وصحبه من مكة إلى المدينة   هجرة الرسول وصحبه من مكة إلى المدينة Empty17/11/2011, 9:52 am

عطاء بلا حدود وعزيمة لا تعرف اليأس





2011.11.17








[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]











ونحن نستقبل عاماً هجرياً جديداً
تطالعنا الآمال في نهوض الأمة الإسلامية من كبوتها وعثراتها لتقوى على
التصدي للتحديات والأزمات التي تواجهها وما أكثرها في عالم اليوم المليء
بالصراعات.

ولقد ضرب صحابة المصطفى صلى الله عليه وسلم
الذين هاجروا معه أروع المثل في صنع تاريخ الأمة وكيانها ومكانتها من خلال
عطائهم بلا حدود وشجاعتهم وصمودهم بعزيمة لا تلين ولا تعرف اليأس.. فواجهوا
بكل ثبات وقوة كل التحديات وانتصروا عليها.. وحققوا بطولات رائعة سجلها
لهم التاريخ بأحرف من نور.. فهل تستفيد الأمة الإسلامية من بطولات هؤلاء
الرجال ومن دروس هؤلاء العظماء!!

الهجرة الآن ليست مجرد نقله من مكان إلى
مكان.. لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال: “لا هجرة بعد الفتح”.. والهجرة
المطلوبة الآن.. هي نقلة بالنفس الإنسانية من طبيعة النفس الأمَّارة بالسوء
إلي مرتبة النفس اللوَّامة التي تفتش في مسيرة حياتها لتتجنب عوامل الضعف
وأسباب الانحراف حتى ترقي إلى مرتبة النفس المطمئنة التي تنادي من قبل الحق
تبارك وتعالي “يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي
في عبادي وادخلي جنتي”.

ما هي الهجرة النبوية؟

الهجرة النبوية هي عبارة عن انتقال النبي
صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة بعد أن قرر
المشركون قتله، وإليه الإشارة بقوله تعالى:”وإذ يمكر بك الذين كفروا
ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك، ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين”،
وذلك حينما أذِن الله لرسوله بالهجرة، قال الله تعالى في سورة الحج:”إن
الله يدافع عن الذين آمنوا، إن الله لا يحب كل خوان كفور، أُذنَ للذين
يُقَاتلُون بأنهم ظُلِمُوا، وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أُخرجوا من
ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله”. وقد هاجر النبي عليه الصلاة
والسلام ومعه الصحابة طلبا للتمكين لدينهم وإعزازه، وبحثا عن مكان يعبدُون
فيه ربهم بكل اطمئنان، وعن أنصار يحمون النبي صلى الله عليه وسلم مما يحمون
منه نساءهم وأبناءهم وأموالهم، وذلك بعد بعثته صلى الله عليه وسلم بثلاث
عشرة سنة.

المنهج الإلهي

أضف أن الهجرة على المستوى الاجتماعي اليوم
تعني النقلة الاقتصادية والاجتماعية إلى آفاق المنهج الإلهي، الذي أنزل
الله عز وجل ليقوم الناس بالقسط وكلا النوعين النقلة النفسية والنقلة
الاجتماعية هي التطبيق العملي لقول الله تبارك وتعالى “ففروا إلى الله إني
لكم منه نذير مبين”.

وأن هجرة الرسول وصحبه من مكة إلى المدينة
تذكرنا بأن تحقيق النصر لابد فيه من الأخذ بالأسباب التي وضعها الله في
أيدي البشر. ومحال أن يهب الله نصراً لخامل أو كسول أو جبان. لم ينفض غبار
الذل والهوان والضعف عن نفسه. وفي الهجرة ضرب الرسول وأصحابه أروع الأمثال
في الأخذ بالأسباب. والتضحية بكل غال ونفيس فمكنهم الله في الأرض. ورد عنهم
كيد أعدائهم فأقاموا دولة شامخة في الأرض أصلها ثابت وفرعها في السماء
تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.. والأمة في هذا العصر لن تفك أسرها من أيدي
أعدائها إلا بالسير على الدروب التي ساروا فيها بأن توحد صفها وتجمع أمرها
على قلب رجل واحد وتمحو عوامل التفرق التي فرقتها وشتتتها وهونتها على
أعدائهم..

الهجرة دواء قوي يعالج أدواء المجتمع من
فرقة وتمزق وضعف وفقر ومرض وجهل وأمية ثقافية تستشري في المجتمع.. وهي
أيضاً باب فسيح ونافذة مستنيرة من أجل أن تكون لنا ثقافة واعية ووعي
ثقافي.. قال: إنه مما لاشك فيه أن الهجرة واجهت تحديات حولت العالم من جمود
إلى حركة ومن فوضى إلى نظام ومن مهانة حيوانية إلي كرامة إنسانية.. نعم
أيها إنسانية الكرامة وحركة العالم الذي هو مليء بالأحقاد والكراهية وسفك
الدماء والصراعات اللامتناهية والدمار والأطماع البشرية.. هذه تحديات لابد
وأن نقف أمامها بقوة وشجاعة وصلابة رأي في غير تطرف أو عصبية أو دمار لمن
حولنا.

الهجرة ومعانيها المتجدّدة

هذه الهجرة التي يفر بها المسلم بدينه خوفا
عليه، والتي من أجلها يترك ماله ووطنه وتجارته معنى متجدد على مر العصور
والدهور، ويمكن الاستئناس في ذلك بقوله عز وجل: “قُلْ إن كَانَ آبَاؤُكُمْ
وأَبْنَاؤُكُمْ وإخْوَانُكُمْ وأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وأَمْوَالٌ
اقْتَرَفْتُمُوهَا وتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا ومَسَاكِنُ
تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ وجِهَادٍ فِي
سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ واللَّهُ لا
يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ”.

ولعل هذا المعنى هو الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: “والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه”، ولو في ذلك هجرة المكان.

ومن القديم حكى النبي صلى الله عليه وسلم
لنا قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسا، واستفتى أعبد أهل الأرض، فجهل،
وأضله بإفتائه ألا توبة له، فقتله، وأكمل به المائة، ثم استفتى أعلم أهل
الأرض، فدلّه على الهجرة سبيلا للتوبة، والحفاظ على الدين فهاجر، ثم مات في
الطريق؛ فكان ما كان من خصام الملائكة حوله، وأخذ ملائكة الرحمة له؛ ليكون
من عباد الله المرحومين، بعد أن سلك طريق الهجرة.

وحين تكون الهجرة لله فرارا بالدين، تتصاغر
أمامها شهوات النفس كلها، من المال والجاه والأرض وغير ذلك، وهذا ما حدث مع
صهيب الرومي -رضي الله عنه-، فقد أراد الهجرة للنبي -صلى الله عليه وسلم-
فاعترضه أهل مكة، وقد كان صهيب عبدا، فكاتب سيده، وأصبح حرًّا، ثم أصبح
تاجرا، فساومه أهل مكة على غناه وتجارته، فترك لهم دنياه، لينال رضا الله
تعالى، ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فرح به قائلا: “ربح البيع
أبا يحيى”.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

"اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد
كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما
باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد"

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
القرش
مدير المنتدى
مدير المنتدى
القرش


عدد المساهمات : 11377
تاريخ التسجيل : 21/03/2009
العمر : 34

هجرة الرسول وصحبه من مكة إلى المدينة Empty
مُساهمةموضوع: رد: هجرة الرسول وصحبه من مكة إلى المدينة   هجرة الرسول وصحبه من مكة إلى المدينة Empty18/11/2011, 9:52 pm

الهجرة النبوية





الحمدُ لله وكفى، وسلامٌ على عبادِهِ الذينَ اصطفى، الحمدُ لله الواحدِ
الأحد الفرْدِ الصمد الذي لم يلدْ ولم يولدْ ولم يتخذْ صاحبةً ولا ولدًا.





أحمدُهُ وأستعينهُ وأستهديهِ وأشكرهُ له المنَّةُ ولهُ الفضلُ ولهُ الثناءُ
الحَسَنُ، لكَ الحمدُ ربَّنا على ما أنعمْتَ علينا، الحمدُ للَّه الذي
هدانا لهذا وما كُنَّا لنهتديَ لولا أنْ هدانا الله.





والصلاةُ والسلامُ على سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرَّةِ أعيننا
محمَّد، بعثَهُ الله رحمةً للعالمين مبشِّرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله
بإذنهِ وسراجًا وهَّاجًا وقمرًا منيرًا، فهدَى الله بهِ الأمَّةَ وكشَفَ
بهِ عنها الغُمَّة فجزاهُ الله عنا خيرَ ما جزى نبيًّا من أنبيائهِ.





وأشهدُ أنْ لا إلـه إلا الله الملكُ الحقُّ المبين، وأشهدُ أنَّ سيدَنا
محمدًا رسولُ الله الصادقُ الوعدِ الأمين، صلواتُ ربي وسلامهُ عليهِ وعلى
ءالهِ وصحبهِ الطيبين الطاهرين.





أما بعدُ أيها الأحبةُ المسلمون:





فإني أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله العظيم، والسيرِ على خُطى رسولِهِ
الكريم، يقولُ الله تَبَارَكَ وتعالى في القرءانِ الكريم:} إِلاَّ
تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ الله إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ
ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ
تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا{[سورة التوبة].





إخوةَ الإيمان:





لَمَّا بُعِثَ رسولُ الله أي نزَلَ عليهِ الوحيُ أُمِرَ بالتبليغِ
والإنذارِ بلا قتالٍ، وكانَ يدعو إلى الله جهرًا ويمرُّ بينَ العربِ
المشركينَ حينَ كانوا يجتمعونَ في الموسمِ من نَوَاحٍ شتَّى ويقولُ:
"أيُّها الناسُ قولوا لا إلـهَ إلا الله تُفلِحوا". ودعا النبيُّ إلى
العدْلِ والإحسانِ ومكارمِ الأخلاقِ ونهى عنِ المنكر والبغي فآمَنَ بهِ
بعضُ الناسِ كأبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍ وبلالٍ وغيرِهم، وبقيَ على
الكفرِ أكثرُ الناسِ، وصاروا يُؤذونَهُ وأصحابَهُ، فلمَّا اشتدَّ عليهمُ
الأذى هاجرَ بعضُ أصحابِ النبيّ إلى الحبشةِ وكانوا نحوَ الثمانينَ، منهُم
عثمانُ بنُ عفَّانَ وجعفرُ بنُ أبي طالبٍ، وكانَ رسولُ الله لقِيَ في
الموسمِ نَفَرًا من أهلِ يثربَ من الخزرجِ فدعاهم إلى الإسلامِ فأسلموا،
ثمَّ ازدادَ عددُهم في العامِ التالي فلمَّا انصرَفوا بعثَ معَهُم رسولُ
الله ابنَ أمّ مكتومٍ ومُصعبَ بنَ عُمَيرٍ يُعلّمانِ الناسَ منْ أسلَمَ
منهم القرءانَ، ويدعوانِ من لم يُسْلِمْ إلى الإسلامِ.





فلمَّا كثُرَ أنصارُ رسولِ الله بيثربَ أمر الله المسلمينَ بالهجرةِ إليها
فخرجوا أَرْسالا، ثمَّ هاجرَ النبيُّ من مكةَ مَحَلِ ولادتهِ التي كانتْ
أحَبَّ بلادِ الله إليهِ يتحمَّلُ المشاقَّ في سفرِهِ مَعَ أبي بكرٍ بعدَ
أنْ أقامَ في مكةَ منذُ البِعثةِ ثلاثَ عَشْرةَ سنةً يدعو إلى التوحيدِ
ونبذِ الشِرْكِ.





إخوةَ الإسلام:





لم تكن هجرةُ الرسولِ هرَبًا من المشركينَ ولا يأسًا من واقعِ الحالِ، ولم
تكُنْ هجرتُهُ حُبًّا في الشُّهرةِ والجاهِ والسُّلطانِ، فقد ذهبَ إليهِ
أشرافُ مكةَ وسادَاتُها وقالوا له: "إنْ كنتَ تريدُ بما جئتَ بهِ مالا
جمعنا لكَ من أموالنا حتى تكونَ أكثرَنا مالا، وإنْ كنتَ تريدُ مُلكًا
مَلَّكْناكَ إيَّاهُ".





ولكنَّ النبيَّ العظيمَ أسمى وأشرفُ من أنْ يكونَ مقصودَهُ الدنيا والجاهُ والسلطانُ.





ولم تكُنْ هجرتُهُ التماسًا للهدوءِ وطلَبًا للراحةِ، فهو يعلَمُ يقينًا
أنها دعوةُ حقٍّ ورسالةُ هدى لا بُدَّ أنْ يُؤَديهَا كما أمرهُ الله؛ وهو
لهذا يقولُ لعمِّهِ أبي طالبٍ حينَ أتاهُ يطلبُ منهُ الكفَّ عن التعرُّضِ
لقومِهِ وما يعبُدونَ:








"والله يا عمُّ لو وضعوا الشمسَ في يميني والقمرَ في يساري على أنْ أتركَ
هذا الأمرَ ما تركتُهُ حتى يُظهرَهُ الله سبحانَهُ وتعالى أو أَهلِكَ
دونَهُ".








يا أحبابَ الحبيبِ:





لقد كانَ لهجرةِ الفاروقِ الذي فرَّقَ بينَ الحقِّ والباطلِ قِصَّةٌ شأنُها
شأنُ كلّ قِصصهِ وأخبارهِ العَظيمةِ التي تدلُّ على حبّهِ لدينِ الله،
واستبسالِهِ في سبيلِ الله، واستعدادهِ للموتِ في سبيلِ نُصْرةِ الحقّ.
ذلكَ أنَّهُ عندما جاءَ دورُ سيدِنا عمَرَ بنِ الخطابِ قبلَ هجرةِ الرسولِ
بسبعةِ أيامٍ، خرجَ مُهاجرًا وخَرجَ معهُ أربعونَ من المستضعفينَ جَمَعَهُم
عمَرُ في وضْحِ النهارِ وامتشَقَ سيفَهُ وجاءَ دارَ الندوةِ وهو مكانٌ
تجتمعُ فيهِ قريشٌ عادةً، فقالَ الفاروقُ عمَرُ لصناديدِ قُريشٍ بصوتٍ
جَهيرٍ: "يا معشَرَ قُريشٍ، من أرادَ منكم أنْ تُفْصَلَ رأسُهُ أو تثكَلَهُ
أمُّهُ أو تترمَّلَ امرأتُهُ أو يُيتَّمَ ولدُهُ أو تذهبَ نفسهُ فليتبعني
وراءَ هذا الوادي فإنِّي مهاجرٌ إلى يثرِبَ" فما تجرَّأَ أحدٌ منهم أنْ
يحولَ دونَهُ ودونَ الهجرةِ لأنهم يعلمونَ أنَّهُ ذو بأسٍ وقوَّةٍ، وأنَّهُ
إذا قالَ فعَلَ.





وكانَ مشركو قريشٍ قد أجمَعوا أمرَهم على قتْلِ رسولِ الله، فجمعوا من كلّ
قبيلةٍ رجلا جَلْدًا نَسيبًا وَسِيطًا ليضربوهُ ضربةَ رجلٍ واحدٍ حتى
يتفرَّقَ دمُهُ في القبائلِ.





فأتى جِبريلُ رسولَ الله فأمرَهُ أنْ لا يبيتَ في مضْجَعهِ الذي كانَ يبيتُ
فيهِ، وأخبرَهُ بمكرِ القومِ، فدعا الرسولُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ أنْ
يَبيتَ على فراشِهِ و يتسجَّى بِبُرْدٍ لهُ أخضرَ، ففعَلَ ثم خرجَ رسولُ
الله على القومِ وهم على بابِهِ ومَعَهُ حَفْنَةُ تُرابٍ، فجعَلَ يَذُرُّها
على رؤوسِهِم، وأخَذَ الله عزَّ وجلَّ بأبصارِهم عن نبيّهِ، فلمَّا أصبحوا
فإذا هم بِعَليّ بنِ أبي طالبٍ، فسألوهُ عنِ النبيّ فأخبرَهُم أنَّهُ خرجَ
فركبوا في كلّ وجْهٍ يطلبونَهُ، وكانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قد
سارَ مَع أبي بكرٍ حتى وصَلاَ إلى غارِ ثوْرٍ فدَخَلاهُ، وجاءتِ العنكبوتُ
ونسَجَتْ على بابِهِ، وجاءت حمامةٌ فباضَتْ ورقَدَتْ، فلمَّا وصلتْ رجالُ
قريشٍ إلى الغارِ قالَ أبو بكرٍ: يا رسولَ الله لو أنَّ أحدَهم ينظرُ إلى
قدَميهِ لأبصَرَنا تحتَ قَدميهِ، فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَا
أبا بكرٍ ما ظَنُّكَ باثنينِ الله ثالثُهما" وليسَ معنى ذلكَ أنَّ الله
يسكنُ مَعَهُما في الغارِ، وإنَّما معناهُ أنَّ الله عالمٌ بهما وهو حافظٌ
لهما، أي أنَّ عنايةَ الله مَعَهُما، فمن اعتقدَ أنَّ الله يسكنُ في مكانٍ
فهذا قد جعلَ الله كالمخلوقِ، والذي يجعلُ الله كالمخلوقِ فقد كذَّبَ
القرءانَ، ومن كذَّب القرءانَ لا يكونُ من المسلمين.





ولمَّا وصلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينةِ المنوَّرةِ
استقبَلَهُ المؤمنونَ بالفرَح، استبشَرَ الناسُ بقدومِ رسولِ الله، وسمَّى
الرسولُ يثربَ المدينةَ المنوَّرةَ، وءاخى بينَ أهلِها أي الأنصارِ
والمهاجرينَ، وبنى مسجدَهُ، وصارَ المسلمونَ عَلَى قَلْبِ رجلٍ واحدٍ لا
يُفرِّقُ بينَهُم طمَعُ الدنيا ولا يُباعِدُ بينَهُم حَسَدٌ ولا ضَغينةٌ،
مَثَلُهم كمَثَلِ البُنيانِ المرصوصِ يشدُّ بعضهُ بعضًا، ومثلُهم في
توادِهم وتراحُمِهم كمَثَلِ الجسَدِ الواحدِ إذا اشتكى منهُ عضوٌ تداعى لهُ
سائرُ الجسدِ بالسّهَرِ والحُمَّى.





إخواني :





لقد كانتِ الهجرةُ إيذانًا بأنَّ صوْلةَ الباطلِ مهما عظُمَتْ وقُوَّتَهُ
مهما بلغَتْ فمصيرُها إلى الزاولِ ونِهايتُها إلى الفشَلِ والبَوارِ،
وإيذانًا بأنَّ الحقَّ لا بدَّ لهُ من يومٍ تُحَطَّمُ فيهِ الأغلالُ وتعلو
فيهِ رايتُهُ وتَرتفِعُ كلمتُهُ، وكيفَ لا والله سبحانَهُ وتعالى قد وعدَ
المؤمنينَ بالنَّصرِ المبينِ وجعلَ لهم من الشدةِ فرَجًا ومن العُسرِ
يُسْرًا ومن الضيقِ سَعَةً؛ قالَ تعالى: }إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا
وَالَّذِينَ ءامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ
الأَشْهَادُ{ [سورة غافر].





إنَّ الدروسَ المستفادةَ من الهجرةِ كثيرةٌ، ومن جُمْلَتِها ضرورةُ
الصَّبرِ على الشدائِدِ والبلايا وكافةِ أنواعِ الظلمِ والاستبدادِ،
والصمودُ في وجهِ الباطلِ، والثباتُ في ميدانِ الكفاحِ، والوقوفُ إلى جانبِ
الحقّ في شجاعةٍ وحزْمٍ وصرامةٍ، وإنَّ بهجتنا بهذهِ الذكرى تمتزج بعزمنا
على الاقتداء بصاحب الذكرى، والتمسك بهديه وعقيدته، والالتزام بشريعته،
معلمين ومتعلمين، فهو القائل صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو ءاية".





فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الموفقين للثبات حتى الممات على مَحَجَّةِ الإسلام البيضاء.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
هجرة الرسول وصحبه من مكة إلى المدينة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الهجرة الغامضة : هجرة نحو الموت
» في الهجرة النبوية .. تعرف على خيانة اليهود للنبي وإجلائهم من المدينة
» اضغط على البلد ثم المدينة وتمتع بالرحلة
» حصون اليهود شمال المدينة المنورة
» رجال حول الرسول ا-لصحابة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات قوصاد :: المنتديات الإسلامية :: قوصاد نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم-
انتقل الى:  
عداد الزوار
زوار المنتدى منذ يوم الجمعة 17-12-2010

free counters
" جميع المواضيع والردود فى المنتدى لاتعبر عن رأي الإدارة بل تعبر عن رأى كاتبها فقط "