باني: رتل القذافي القادم إلى بنغازي كان بطول 300 كلم ويضم 28 ألف جندي محترف

على اتساع رقعة ليبيا تنتشر جبهات القتال، حيث جبهة في الغرب وأخرى في
الجنوب وجبهة ثالثة في الشرق، وغيرها في كل بقعة من بقاع ليبيا، ويترقب
الليبيون أخبارها بفارغ الصبر، لمعرفة آخر التطورات هنا وهناك، ولمعرفة
المزيد حول آخر التطورات في الجبهات، وحول مدينة طرابلس، وغيرها من الأمور
المتعلقة بالشأن العسكري التقت قورينا بالمتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري
التابع للمجلس الانتقالي العقيد أحمد باني، وكان أول أسألتنا…

اعتقد
أن أخر التطورات الميدانية تمثلت في السيطرة الكاملة والكلية على جبهة
القتال، حيث جاءت هذه السيطرة بعد قتال عنيف وعمل محكم في استلام زمام
الأمور من قواتنا للقضاء على تلك الكتائب التي لا حول لها ولا قوة.

تقدمت
قواتنا متجهة نحو الغرب والآن متواجدة بمنطقة السدرة التي تبعد 15 كم غرب
رأس لأنوف بعد دحر كتائب القذافي للخلف، ونستطيع القول أن هناك شبة انهيار
في صفوف كتائب القذافي التي لاقت هجوماً من الثوار من عدة محاور، فأحكموا
عليها السيطرة – مما أدى إلى التقدم والمضي غرباً نحو العاصمة، مقابل ذلك
تحدث اشتباكات بين الحين والآخر مع تلك الكتائب، لكنها لا تؤثر فينا بل
تزيدنا قوة وإصرار على القضاء على نظام القذافي بالكامل.

في
اعتقادي الشخصي أن الأمور واضحة ومكشوفة أمام ثوار 17 فبراير، وأصبحت لعبة
الكر والفر حاضره أو بالأصح الفر أصبح لعبة الكتائب، وذلك لعدم تمكنهم من
مقارعة ومواجهة ثوارنا البواسل، فالأوضاع داخل العاصمة جيدة تماماً خصوصا
عقب بسط سيطرتهم وتطهيرهم على معقل الطاغية باب العزيزية، الذي كان له
تأثير معنوي للثوار، وتكثيف البحث عنه وعن أبنائه لتخليص الناس من شروره،
ولابد أن نذكر أن هناك بعض النواقص في بعض الأشياء لكن بالإصرار والعزيمة
سنذلل تلك النواقص، وذلك بالعمل والجيدة والمثابرة وتطهير العاصمة من
المندسين وبعض الجيوب وبعض الخلايا من حرس ثوري ولجان ثورية.

في
حقيقة الأمر أن مدينة سرت وضعها حساس نوعاً ما، وذلك لأنها مسقط رأس
الطاغية كما يدعيه هو، حيث أن هناك مفاوضات تجري حالياً بين مشايخ وأعيان
القبائل الموجودة في المدينة وبين الثوار، من أجل التسليم أمام الأمر
الواقع- بحيث يدخل الثوار المدينة بدون معارك وقتال وذلك حقناً للدماء في
الجانبين، وأتمنى أن يصلوا إلى هذه النتيجة.

في
الظروف الحالية نحن نحتاج إلى كل من له القدرة على حمل السلاح أن يدافع عن
هذا التراب الغالي، وبعد نهاية هذه القضية الهزلية مع نظام القذافي التي
امتدت إلى أربعة عقود سيكون هناك أماني وأحلام كبيرة، لبناء جيش ليبي قوي-
سيندرج في الولاء كله ومن ثم للوطن ولن نسمح مجدداً أن تتكرر تلك التجربة
التي عشنا فيها سنين مرة، وسنسعى جاهدين للعمل من أجل الحفاظ على مبادئنا
ووطنيتنا والنهوض بهذا البلد إلى الأعلى، وترتيب الصفوف وتقويتها مستقبلاً
من خلال الهيكلية والآلية التي سنعمل بها في المستقبل القريب.

الجيش
الوطني له دور فعال ومهم، وكان له أدوار مشرفة في هذه الثورة المجيدة،
فثورة 17 فبراير كتبت لها شهادة ميلاد جديدة في 19 مارس بعدما نقشها وكتبها
نسور قاعدة بنينة الجوية، والتي قدمت دماء ثلاثة طيارين من طياري جيش
التحرير الوطني مهرة، بدموع أبناء وعائلات هؤلاء الطيارين الذين تصدوا
لكتائب القذافي وأحدثوا فيها ضرراً كبيراً، ولولا الله عز وجل ومن ثم هؤلاء
الطيارين الذين دفعوا بدمائهم وأنفسهم الزكية الطاهرة، لكانت هناك صورة
أخرى ومغايرة بالواقع الذي نعيشه الآن، فالجيش كاملاً كانت علامة مميزة في
ثورة السابع عشر من فبراير.

بطبيعة
الحال بالوقوف والجدية سيكون المستقبل زاهر، لأننا في انفتاح بعدما تخلصنا
من هذا الطاغية الذي كان جاثماً على قلوبنا لمدة أربعة عقود، فحقيقة أن
سرايا الثوار في المدة الماضية صدر قرار بخصوص تلك السرايا أي بمعني أن
تعليمات صدرت بوجوب الإسراع في الانضمام كما طلب منهم.

حيث أنه ستكون
هناك مجموعة تحت مظلة وزارة الدفاع، والأخرى تحت مظلة الأمن الوقائي ومن
لم ينظم إلى هاتين المظلتين فهو خارج عن القانون، لكننا في المقابل لدينا
القدرة على التعامل مع الخارجين عن القانون، فحددت تلك المضلات لتسيير
الأمور والسيطرة عليها وتنظيم الصفوف وتنقية وتطهير المدن المحررة من كل
المندسين والخلايا النائمة.

بكل
تأكيد سيكون مستقبلاً فتح باب الالتحاق والتطوع للجيش الليبي لمختلف
الشباب، بحيث من يرى في نفسه الكفاءة والقدرة على البقاء والاستمرار سينظم
للجيش الوطني، وأما الذين لديهم أعمال أخرى ويريدون تكملة حياتهم المدنية
فهذا آمر راجع إليهم، أما بالنسبة للذين لم يتدربوا على حمل السلاح، كنا
متوقعين أن الثوار الليبيين سيبهرون القذافي لأنهم أولاً خرجوا على
المطالبة بالحرية والمعيشة الجيدة، وكذلك العمل على طي صفحات القذافي وفتح
صفحات جديد للمستقبل في نظام آخر يوفر لهم جميع متطلبات الحياة.

بالرغم
من أن الفترة طويلة وأن نظام القذافي أرتكب جرائم كثيرة، ولم يحقن الدماء
بل قام بتلاعب على وتر القمع، إلا أني لا أستطيع أن أحدد لك عدد الأشخاص
الذين سقطوا في هذه الثورة، والإحصائية لم تعد بعد.

ولكن أقول أن
الشباب الذين سقطوا في المعارك قدموا صورة رائعة، وأوضحوا للقذافي وللعالم
أن الشعب الليبي لديه القدرة الكافية والكبيرة على إخراجه امن تراب الوطن
الغالي، الذي دافعوا عليه كثيرا للحصول على الحرية والمعيشة الجيدة
والعدالة الاجتماعية التي غابت عنهم كثيرا.

في
الأيام القليلة المقبلة سيعرف الشعب الليبي ما العمل الذي قامت به قاعدة
بنينة الجوية، ففي الحقيقة الطيارون الليبيون هم من قاموا بقصف وتشتيت
أرتال القذافي التي كانت تريد أن تجهض هذه الثورة التي غيرت شكل الدولة
بأكملها، إضافة إلى أن الكتائب كانت متيقنة أنها ستصل إلى ساحة الاعتصام
بنغازي، لكن شجاعة وبسالة قواتنا على الأرض وصقورنا في السماء حالت دون
ذلك.

وأستطاع طيارينا أن يبعثروا الرتل المجهز بالآليات والعربات
المدرعة وناقلات الجنود التي كانت تريد دخول المدينة، ناهيك على أن طول هذا
الرتل كان طوله 300 كيلومتر، و28 ألف جنديا محترفا قادمون بكامل عتادهم
وعدتهم، وهذه القوة كان بإمكانها احتلال أية دولة والخوض في أي حروب، لكن
مهارة وحكمة وإيمان وإصرار وعزيمة طياري بقاعدة بنينة جعل من هذا الرتل أن
يتفكك ويتشتت من خلال الطلعات الجوية التي قام بها جميع طياري قاعدة بنينة.

وألقى
هؤلاء الطيارين بكل جهدهم لحماية مدينة بنغازي والعمل بروح واحدة، وأعتقد
أن قاعدة بنينة سطرت أسمها بأحرف من نور، وأكدوا للقذافي أنه لن تستطيع
الدخول للمدينة التي كانت هي شرارة الثورة قبل أن يتوفاهم الأجل ويستشهدوا
في سبيل الوطن.

ومن بعدها جاء دور طياري حلف الأطلسي “الناتو” لتكمل
المهمة بإحداثهم أضرارا كبيرة فيما تبقى من ذلك الرتل، ولتؤكد أن ثورة 17
فبراير ستبقى وأن القذافي وأبنائه سيزولون.

نحن
نعمل تحت منظمة فيها اتفاقيات ومعاهدات ولابد لنا أن نحترم هذه الاتفاقيات
و المعاهدات، وبالنسبة لطريقة المعاملة فستكون معاملتهم معاملة أسرى حرب
حتى ولو كان الأسير مرتزق، وبطبيعة الحال سنتعامل مع كل ما تبقى من تلك
الكتائب معاملة حسنة ولن نعاملهم معاملة سيئة فهذا ليس من شيمنا وتصرفاتنا
نحن كاليبيين، لأنه في نهاية الأمر هناك مجموعة من الكتائب يعتبروا ليبيين.

في
حقيقة الأمر لقد تحملت المسؤولية مثل غيري من الزملاء الذين يعملون على
إطاحة هذا النظام المستبد والظالم من أجل تحرير هذا التراب، وتحملت
المسؤولية لأن القضية والمعادلة قضية وطن لا أكثر و لا أقل، وعندما تكون
المسألة والموضوع خاص بالوطن تتغير كل المعطيات والملامح فتصبح الوطنية
والحمية كبيرة نحو التراب الغالي.

في
اعتقادي الشخصي أن أهل طرابلس قد فهموا الدرس عند مشاهدتهم للفضائيات ومرت
عليهم كل السلبيات التي حدثت في المناطق المحررة التي كانت فيها نوعاً ما
من الفوضى والغوغائية والطابور الخامس الذي كان يتبع سياسة الأرض
المحروقة، فهم الأن في طوع المحافظة على ممتلكاتهم ومؤسساتهم ومنشآتهم
العامة والخاصة لأنه هي أملاك الشعب الليبي وليس أملاك القذافي وأبنائه،
وأن علي دراية تامة ومتأكد أن ثوارنا سيحافظون عليها وسيتصدون لكل من يريد
التخريب لتلك الممتلكات.