إن المجد والنجاح
والإنتاج تظل أحلاما لذيذة فى نفوس أصحابها ٬ وما تتحول حقائق مره حية إلا
إذا نفخ فيها العاملون من روحهم ٬ ووصلوها بما فى الدنيا من حسن وحركة
كثيرا ما يحب الإنسان أن يبدأ صفحة جديدة فى حياته ٬ ولكنه يقرن هذه
البداية
المرغوبة بموعد مع الأقدار المجهولة ٬ كتحسن فى حالته ٬ أو تحول فى مكانته.
وقد يقرنها
بموسم معين ٬ أو مناسبة خاصة كعيد ميلاد ٬ أو غرة عام مثلا. وهو فى هذا
التسويف يشعر
بأن رافدا من روافد القوة المرموقة قد يجئ مع هذا الموعد ٬ فينشطه بعد خمول
ويُمَنِّية بعد
إياس . وهذا وهم. فإن تجدد الحياة ينبع قبل كل شىء من داخل النفس. والرجل
المقبل
على الدنيا بعزيمة وبصر لا تخضعه الظروف المحيطة به مهما ساءت ٬ ولا تصرفه
وفق هواها.
إنه هو الذى يستفيد منها ٬ ويحتفظ بخصائصه أمامها ٬ كبذور الأزهار التى
تُطمر تحت أكوام
السبخ ٬ ثم هى تشق الطريق إلى أعلى مستقبلة ضوء الشمس برائحتها المنعشة!! ٬
لقد
حولت الحمأ المسنون والماء الكدر إلى لون بهيج وعطر فواح... كذلك الإنسان
إذا ملك نفسه
وملك وقته ٬ واحتفظ بحرية الحركة لقاء ما يواجه من شئون كريهة ٬ إنه يقدر
على فعل الكثير
دون انتظار أمداد خارجية تساعده على ما يريد . إنه بقواه الكامنة ٬ وملكاته
المدفونة فيه ٬
والفرص المحدودة ٬ أو التافهة المتاحة له يستطيع أن يبنى حياته من جديد .
لا مكان لتريث ٬
إن الزمن قد يفد بعون يشد به أعصاب السائرين فى طريق الحق ٬ أما أن يهب
المقعد طاقة
على الخطو أو الجرى فذاك مستحيل . لا تعلق بناء حياتك على أمنية يلدها
الغيب ٬ فإن هذا
الإرجاء لن يعود عليك بخير. الحاضر القريب الماثل بين يديك ٬ ونفسك هذه
التى بين جنبيك ٬
والظروف الباسمة أو الكالحة التى تلتف حواليك ٬ هى وحدها الدعائم التى
يتمخض عنها مستقبلك.