السؤال
لو سمحت أنا إنسانة تائبة والحمد لله، لم تكن الذنوب التي تبت منها كبيرة, لكن دائما تأتيني أفكار أني أتعذب بقبري وأن المؤمن لابد أن يتعذب مهما كان مطيعا لربه، مع أني أصوم وأصلي وأتصدق وأقرأ كل يوم جزءا من القرآن، ولا أغتاب أحدا ولا أسمع أغاني وطائعة لوالدي وأمي, لكن سمعت حديثا أن المؤمن لا يدخل الجنة بأعماله, يدخل برحمة ربه. فلماذا نعمل ما دمنا سندخل برحمة ربي, والله ما أنام الليل أخاف من عذاب ربي, هل كلنا معذبون بالقبر ؟ أم هذه وساوس من الشيطان؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله الذي من عليك بالتوبة، ونسأله تعالى أن يثبتنا وإياك على الحق حتى نلقاه، ثم اعلمي وفقك الله أن الخوف من عذاب الله أمر محمود، ولكنه لا يجوز أن يجر إلى اليأس من روح الله والقنوط من رحمة الله وظن السوء بالله تعالى، بل الخوف المحمود هو ما حمل على الجد في الطاعة والتوبة النصوح من المعاصي.
وما ذكرتيه من أن الناس لا يدخلون الجنة بأعمالهم وإنما يدخلونها برحمة الله تعالى هو حديث ثابت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته.
وهذا لا يعني أن الأعمال ليس لها قيمة ولا تأثير في دخول الجنة، وإلا فقد قال الله تعالى: وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون {الزخرف:72}. وقال: جزاء بما كانوا يعملون. {الواقعة: 24}. ونظائر هذا كثيرة.
والجمع بين هذه الآيات والحديث أن الجنة ليست عوضا للعمل، ولكن العمل سبب لدخول الجنة، وإنما يدخلها من يدخلها برحمة الله إذا أخذ بالسبب الذي جعله الله سببا لدخولها، فإن رحمة الله لا ينالها إلا من اجتهد في طاعة الله وأحسن العمل، كما قال تعالى: إن رحمة الله قريب من المحسنين {الأعراف:56}. وقال تعالى: إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم {البقرة:218}.
فعلى العبد أن يقف في مساقط رحمة الله تعالى مجتهدا في العمل الصالح غير راكن إلى هذا العمل عالما أنه إنما يدخل الجنة ويستحق المثوبة بفضل الله ومنته