هل قلتُ موتى؟ لا موتى هناك. هناك فقط تبديل عوالم". تُنسب هذه العبارة إلى سياتل الزعيم الهندي الأحمر، في خطبة ألقاها أمام الحاكم إسحق ستيفنز عام 1854، بعد طلب الحكومة الأميركية شراء أراضي قبيلته. وبها يستهل الشاعر محمود درويش قصيدته الطويلة "خطبة الهندي الأحمر ــ ما قبل الأخيرة ــ أمام الرجل الأبيض". الهندي الأحمر هنا هو استعارة للفلسطيني، والقصيدة تحمل بمجملها إحالة للقضية الفلسطينية، حيث المستعمَر المهدد بالإبادة يخطب بجلاده.
بلسان الفلسطيني الذي يتمثل شخصية هندي أحمر، يكمل درويش: "نُبَشّرُكُمْ بِالْحَضَارة" قال الْغريبُ، وقال: أنَا سَيّدُ الْوقْتِ، جِئْتُ لِكَيْ أرثَ الأرْض منْكُمْ، فَمُرّوا أمامي، لأحصيكم جُثّةً جُثّة فوق سطح البحيرة".
الهندي الأحمر والفلسطيني ثنائية عادت مجدداً إلى مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية ما تشهده غزة من تطهير عرقي، وذلك بعد أن أعاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي نشر مقطع فيديو لشاب فلسطيني ملثم من المقاومة، يؤدي رقصة بعد تدمير مركبة عسكرية إسرائيلية منذ خمس سنوات. تشبه تلك الرقصة رقصات سكان أميركا الشمالية الأصليين. وأرفق بعضهم المقطع بعبارة "رقصة أصحاب الأرض" أو "رقصة الحرية".
ارتفع اهتمام الجمهور العربي بقضية الهنود الحمر بالتوازي مع اشتداد الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، بعد عملية طوفان الأقصى. ووفقاً لمؤشر اهتمامات الجمهور على محرك البحث غوغل (Google Trends)، ازداد اهتمام المتابعين الناطقين باللغة العربية بالبحث عن مفردة "الهنود الحمر" في الفترة بين 11 أكتوبر/تشرين الأول (عند اشتداد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة)، و28 نوفمبر/ تشرين الثاني، بنسبة قاربت 75%.
بالنسبة لسكان أميركا الشمالية الأصليين، فإن رقصاتهم وأزياءهم تحمل ذاكرة الإبادة الجماعية التي تعرضوا إليها خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر على يد المستعمرين الأوروبيين، والتي انتهت بقيام الولايات المتحدة عام 1776.