منتديات قوصاد
أهلا وسهلا بك في منتديات قوصاد ، نتمنى لك قضاء أجمل الأوقات في جنبات المنتدى ، كما يشرفنا أن تسجل معنا وأن تكون عضوا في كوكبة المتميزين
منتديات قوصاد
أهلا وسهلا بك في منتديات قوصاد ، نتمنى لك قضاء أجمل الأوقات في جنبات المنتدى ، كما يشرفنا أن تسجل معنا وأن تكون عضوا في كوكبة المتميزين
منتديات قوصاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات قوصاد

حينما تفكر ... حتما ستبدع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 15379
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ  Empty
مُساهمةموضوع: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ    لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ  Empty5/10/2016, 7:31 pm

لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ
[ سورة البقـرة : ١٧٧ ]
{وَآتَى المال على حُبِّهِ}
يمكن أن نفهمه على أكثر من معنى:
يمكننا أن نفهمها على أنه يعطي المال وهو يحب المال،
ويحتمل أن نفهمها على أنه يؤتي المال
لأنه يحب أن يعطي مما يحبه من المال عملا بقول الله تعالى
{لَن تَنَالُواْ البر حتى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} . . وهي تحتمل المعنيين.
ويمكن أن تُصَعِّد المعنى فيصير»
وآتى المال على حب الإيتاء أي الإعطاء
«أي يُحب الإعطاء وترتاح نفسه للإعطاء، ومن الممكن تصعيدها تصعيدا آخر يشمل كل ما سبق فيصبح المعنى: وآتى المال على حب الله الذي شرع له ذلك،
وكل هذه المعاني محتملة.
والحق يقول: {وَيُطْعِمُونَ الطعام على حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} [الإنسان: 8] ويقول سبحانه أيضا: {لَن تَنَالُواْ البر حتى تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] وتعطينا كل هذه الآيات وضوح الفرق بين الملكية، وبين حب المملوك،
فمن الممكن أن تكون لديك أشياء كثيرة أنت مالكها،
ولكن ليس كل ما تملكه تحبه،
فعندما تؤتي المال فمن المحتمل أن تكون قد نزعته من ملكيتك وأنت لا تحبه.
وبذلك أخرجته من ملكيتك فقط، وإما أن تكون محبا للشيء الذي تعطيه لغيرك، وبذلك تكون قد أخرجته من ملكيتك، ومن حبك له.
وإما أن يكون المال الذي في يدك مجرد أداة لك ولغيرك وليس له مكانة في قلبك ولذلك يقول الشاعر:
لا أبالي توفير مالي لدهري ... منفقا فيه في رخاء وبأس إن يكن في يدي وليس بقلبي ... فهو ملكي وليس يملك نفسي
إن قوله الحق: {وَآتَى المال على حُبِّهِ}
تعطينا إما منزلة إخراجه من الملك وإما منزلة إخراجه من القلب الذي يحبه.
ولذلك يعيب الحق على جماعة من الناس يريدون العمل على طاعة الله،
لكنهم لا ينفقون لله إلا مما يكرهون. ويقول الله في حقهم
{وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ} .
ولكن لمن يكون ذلك المال الذي ينطبق عليه القول: {وَآتَى المال على حُبِّهِ} ؟ .
إنه، ل {ذَوِي القربى} ألا ترون إنساناً له حركة في الحياة قد اتسعت لنفسه،
ثم نرى قرباه الذين لا يقدرون على الحركة محتاجين،
كيف تكون حالة نفسيته إذن؟ .
لابد أن تكون نفسية متعبة؛ لأن المفروض في الإنسان المؤمن
أن يجعل كل الناس قرباه،
ونذكر في هذا المقام قصة معاوية عندما كان أميراً للمسلمين،
ودخل عليه الحاجب وهو -يقول: يا أمير المؤمنين رجل بالباب يدعي أنه «أخوك» ، --فقال معاوية: أبلغ بك الأمر ألا تعرف إخوتي؟ أدخله.
فلما دخل الرجل -قال له معاوية: أي إخوتي أنت؟ قال: أخوك من آدم.
فماذا قال معاوية:؟ . قال: رحمٌ مقطوعة، والله لأكونن أول من وَصلها. وأكرمه.
فإذا كان الإنسان لا يستطيع أن يصل قرباه من الناس كافة،
ألا يستطيع أن يصل خاصة أقاربه؟ .
كيف يستطيب المؤمن إذن نعيم الحياة وهو يجد أقاربه محتاجين،
حتى لو نظرنا بعيدا عن الدين والإنسانية، ألا تستحق المسألة أن يجود الإنسان بما عنده على أهله؟ . وفي دائرة الإيمان حين يجعل الله حركة الحياة في التكافل دوائر، فهو سبحانه يريد أن يوزع خير المجتمع على المجتمع؛
لأنه سبحانه حينما أراد استبقاء النوع شرع لنا طهر الالتقاء بين الرجل والمرأة بعقد علني وشهود، لماذا؟ .
لأن الثمرة من الزواج هي الأبناء التي ستأتي بقطاع جديد من البشر في الكون، وهذا القطاع لابد أن يكون محسوبا على الرجل أمام الناس،
وإن لم يرع الرجل في أبنائه حق الله يلمه الناس على ذلك لأنهم أبناؤه.
ولذلك عندما نرى شخصا يخفي زواجه، كأن يتزوج زواجا عرفيا مثلا نقول له: أنت تريد أن تأتي بثمرة منك ثم تنكرها، فيأتي أبناء غير محسوبين عليك.
ولذلك فلنكن على ثقة من أن كل مشرد في الأرض نراه هو نتيجة لخطيئة إما معلنة، وإما لا يقدر على إعلانها رجل لم يتحمل مسئولية علاقته بالمرأة،
ولا يهمل رجل ولدا منسوبا له إلا إذا تشكك في نسبه إليه،
وهذا ما يجعله ينكر نسبه. إذن فعملية الطهر التي أرادها الله سبحانه وتعالى في الالتقاءات بين الرجل والمرأة، إنما أرادها سبحانه لأنه يشرع لبناء أجيال جديدة، ينشأ منها مجتمع المستقبل، وقبل أن يوجد هؤلاء الأبناء لابد أن يكون لهم رصيد وأساس يتحملهم، فجعل الله لنا الأولاد والأحفاد،
ويوصي الله الأبناء على الوالدين قبل ذلك، ثم تتسع الدائرة للقرابة القريبة.
وهات واحدا واصنع له هذه الدائرة، وهات آخر واصنع له الدائرة نفسها، وثالثاً واصنع له دائرته، واصنع إحصاء للقادرين وحدد دوائرهم العائلية،
ستجد كل إنسان في الكون يدخل في دائرة من هذه الدوائر،
فإن رأيت عوجا فاعلم أن مركز الدائرة قد تخلى عن محيط الدائرة.
والله سبحانه وتعالى يقول: {وَآتَى المال على حُبِّهِ ذَوِي القربى} ،
تأمل إذن الحث على البر تجد أن أول ما جاء فيه هو إيتاء ذوي القربى؛
لأن لهم مكانة خاصة؛ وعندما يؤتي كل منا قرباه ويحملهم على فائض ماله وفائض حركته فلن يوجد محتاج وإذا وُجِدَ المحتاج فسيكون نزراً يسيراً،
وتتسع له الزكاة الواجبة.
أو كما قال بعض العلماء:
المقصود بذوي القربى هم قربى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، يقولون ذلك؛ لأن في القرآن آية تقول: {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المودة فِي القربى} [الشورى: 23] ولماذا قربى رسول الله؟
لأنهم ليس لهم حق في الزكاة؛ حتى يبرأ المبلغ عن الله من أي نفع يعود عليه،
أو يعود على آله، لذلك منع الله عنهم أي حق في الزكاة.
وكأن الله يريد أن يقول لنا: لا يصح أن تجعلوا الناس الذين رفعهم الله وكرمهم عن أخذ الزكاة التي يأخذها أي فقير منكم ممنوعين من أخذ كل شيء،
فلابد أن تتخذوهم أقارب لكم بحيث لا تجعلونهم محتاجين.
وعلى فرض أن الآية تريد قُرباناً نقول: {النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ} ،
فقرباه وآله أولى من قربانا وأهلنا.
وبعد ذلك جاء الله بقوله: {واليتامى} ،
ونعرف أن اليتيم هو من فقد أباه ولم يبلغ مبلغ الرجال.
واليتيم في الإنسان غير اليتيم في الحيوان؛
فاليتيم في الحيوان هو من فقد أمه، ولكن اليتيم في الإنسان هو من فقد أباه. واليتيم لا يكون له وصي إلا إذا كان عنده شيء من مال،
عندئذ يكون هناك وصي لإدارة أمور اليتيم.
ولذلك جاء الحق بالأمر بإعطاء المال على حبه لليتامى،
ولم يقل: «لذوي اليتامى» .
فربما كان هناك يتيم ضاع لا يتقدم أحد للوصاية عليه، وليس عنده ما يستحق الوصاية؛ لذلك فعلينا أن نؤتي اليتيم من مال الله حتى ندخل في صفات البر،
أو نعطي للوصي على اليتيم لينفق عليه إن كان له وصي.
وكذلك نؤتي المال للمساكين، والمسكين مأخوذة من السكون،
وهو الإنسان الذي لا قدرة له على الحركة،
كأن استخذاءه وذله في الحياة منعاه من الحركة.
واختلف الفقهاء حول من هو الفقير، ومن هو المسكين، قال بعضهم:
إن الفقير هو من لا يملك شيئا،
والمسكين يملك ما لا يكفيه، أي يملك شيئا دون ما يحتاجه،
وقال البعض الآخر: إن الفقير هو الذي يملك ما هو دون حاجته،
والمسكين من لا يملك.
وعلى كل حال فقد شاءت حكمة الله عَزَّ وَجَلَّ أن يجعل للفقير نصيبا من البر وللمسكين أيضا نصيبا كالآخر، والخلاف بين العلماء لا يؤدي إلى منع أحدهما من المال، لأن كلا منهما المسكين والفقير يستحق من مال الله. وعلى ذلك فالخلاف لا طائل من ورائه.
وكذلك نؤتي المال لابن السبيل، والسبيل هو الطريق، وابن السبيل هو ابن الطريق، وعادة ما يُنسب الإنسان إلى مكانه أو إلى بلده، فإذا قيل ابن السبيل،
فذلك يعني أنه ليس له مكان يأوي إليه إلا الطريق، فهو رجل منقطع،
وقد يكون ابن سبيل ذا مال في مكانه، إلا أن الطريق قطعه عن ماله وباعد بينه وبين ما يملك أو يكون ذا مال وسرق منه ماله، فهو منقطع.
ولماذا جعل الله نصيبا من البر لابن السبيل؟ .
لقد جعل الله نصيبا من المال لابن السبيل حتى يفهم المؤمن أن تكافله الإيماني متعد إلى بيئة وجوده، فحين يوجد في مكان وينتقل إلى مكان آخر يكون في بيئة إيمانية متكافلة.
ونؤتي المال أيضا للسائلين أي الذين يضعون أنفسهم موضع السؤال،
أعط من يسألك ولو كان على فرس؛ لأنك لا تعرف لماذا يسأل،
إن بعضاً من الناس يبررون الشُّح فيقولون:
إن كثيرا من السائلين هم قوم محترفون للسؤال،
ونقول لهم: مادام قد سأل انتهت المسألة،
وعمدتنا في ذلك قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:
«أعطوا السائل وإن جاء على ظهر فرس» .
وما دام قد عرض نفسه للسؤال فأعطه ولا تتردد.
قد تظن أنه يحمل حقيبة ممتلئة بالخبز، أو يخفي المال بعيداً.
وأقول: قد يكون عنده خبز لكنّه لا يكفي أولاده،
وقد يخفي المال الذي لا يكفيه، ولن تخسر شيئاً من إعطائه،
فلأن تخطئ في العطاء، خير من أن تصيب في المنع.
ونؤتي المال أيضاً لمن هم {وَفِي الرقاب}
وكلمة «رقبة» تُطلق في الأصل اللغوي على أصل العنق،
وليس على العنق نفسه. وتطلق كلمة الرقبة على الذات كلها،
أي الإنسان في حد ذاته، لماذا؟
لأن حياة الإنسان يمكن أن تملكها من الرقبة،
فتستطيع أن تمسك إنساناً من رقبته وتتحكم فيه وتضغط عليه ضغطاً تمنع تنفسه إلى أن يموت، لذلك تطلق الرقبة ويراد بها الشخص ذاته:
وفي ذلك يقول القرآن: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا العقبة فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 12 - 13]
أي فك الأسير، إذن {وَفِي الرقاب} تعني فك أسر العبد،
ويمكن لصاحب البر أن يشتري العبيد ويعتقهم،
أو يسهم في فك رقابهم فذلك لون من ألوان تصفية الرق،
وفي تصفية الرق هناك شيء اسمه التدبير، وشيء اسمه المكاتبة.
هب أن عبداً يخدمك وبعد ذلك ترى أنه أخلص في خدمتك،
فثمناً لإخلاصه في خدمتك مدة طويلة قررت أن تُدَبّره بعد موتك،
أي تعطيه حريته فيصبح حراً بعد موتك،
فكأنك علقت عبوديته على مدى حياتك، وبعد انتهاء حياتك يصبح مدبراً أي حراً،
ولا يدخل في تركتك، ولا يُوَرث. وقد تكاتبه على مال فتقول له:
يا عبد أنا أكاتبك على مائة جنيه، وأطلق حركتك لتتصرف أنت وتضرب في الحياة وتكسب وتأتي لي بالمائة جنيه، ثم أطلق سراحك،
وفي هذه الحالة فإن على أهل البر أن يعاونوا هذا المكاتب ليؤدي مال الكتابة
حتى يفك رقبته من الأسر.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور الهدى
المشرفة العامة
المشرفة العامة
نور الهدى


عدد المساهمات : 15379
تاريخ التسجيل : 02/10/2009
العمر : 41

لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ  Empty
مُساهمةموضوع: رد: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ    لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ  Empty5/10/2016, 7:34 pm

استكمال تفسير الاية ١٧٧ : سورة البقرة
ومن البر أيضا إقامة الصلاة، كأن المعنى:
«ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة»
ونعرف أن معنى إقامة الصلاة هي أداء الصلاة في أوقاتها على الوجه المطلوب شرعاً. ومن البر أن نؤتي الزكاة، فكأن كل ما سبق {وَآتَى المال على حُبِّهِ ذَوِي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسآئلين وَفِي الرقاب} لا علاقة لها بالزكاة، إن كل ذلك هو بّر آخر غير المطلوب للزكاة، لأن الزكاة لو كانت تدخل فيما سبق لما كان الله كرَّرها في الآية. هذه أوجه البر التي ذكرتها الآية من إيتاء ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وكل ذلك لمن أراد أن يدخل في مقام الإحسان،
فمقام الإحسان كما نعرف هو أن تلزم نفسك بشيء لم يفرضه الله عليك،
إنما تحس أنت بفرح الله بك ورضاه عنك فيقبله الله منك.
ولذلك عندما سُئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:
هل في المال حق غير الزكاة؟ ذكر هذه الآية
إذن فتلك أوجه البر المطلوبة، والزكاة أيضا مطلوبة. ففي مصرف الزكاة لا يوجد ذوو القربى ولا اليتامى. صحيح أن في مصارف الزكاة إعطاء المسكين وابن السبيل، لكن في البر هناك أشياء غير موجودة في الزكاة، فكأنك إن أردت أن تفتح لنفسك باب البر مع الله، فوسع دائرة الإنفاق، وستجد أن البر قد أخذ حيزاً كبيراً من الإنفاق؛ لأن المنفق مستخلف عن الله. فالله هو الذي استدعى الإنسان إلى الوجود، ومادام هو المستدعي إلى الوجود فهو سبحانه مكلف بإطعامه، وأنت إذا أنفقت على المحتاج الذي استدعاه الله للوجود فإنك تتودد إلى الله بمساعدة المحتاجين من خلقه دون أن يلزمك به الله، ولذلك يقول الله عَزَّ وَجَلَّ:
{مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} [البقرة: 245] إذا كان هو سبحانه الذي أعطى المال، فكيف يقول: أقرضني؟ . نعم،
لأنه سبحانه لا يرجع فيما وهبه لك من نعمة المال، إن المال الذي لك هو هبة من الله، ولكن إن احتاجه أخ مسلم فهو لا يقول لك «أعطه من عندك أو اقرضه من عندك» ، إنما يقول لك: «أقرضني أنا، لأني أنا الذي أوجدته في الكون ورزقه مطلوب مني» ، فكأنك حين تعطيه تقرض الله، وهذا معنى قوله:
{مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً} .
إنه سبحانه وتعالى متفضل بالنعمة ثم يسألك أن تقرضه هو.
ولنضرب على ذلك مثلاً من أمر الدنيا وسبحانه وتعالى منزه عن كل مثل وله المثل الأعلى هب أنك محتاج وفي ضائقة مالية، وعندك أولاد ولهم مبالغ مدخرة مما كنت تعطيهم من مال فتقول لهم أقرضوني ما معكم من مال؛ وسأرده لكم عندما تمر الضائقة. كأنك لم ترجع في هبتك وما أعطيته لهم من مال، إنما اقترضته منهم، كذلك يفعل الله سبحانه وتعالى. وكذلك لنا عبرة وعظة من السيدة فاطمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها عندما دخل عليها سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فرآها ممسكة بدرهم، والدرهم يعلوه الصدأ وأخذت تجلوه، فسألها أبوها: ما تصنعين يا فاطمة؟ قالت: أجلو درهما. قال: لماذا؟ قالت: لأني نويت أن أتصدق به، قال: ومادمت تتصدقين به فلماذا تجلينه؟ قالت: لأني أعلم أنه يقع في يد الله قبل أن يقع في يد المحتاج.
ومن البر أيضا أن يفي الإنسان بالعهد،
فالحق يقول: {والموفون بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ} . وما معنى العهد؟ .
إن هناك عهداً، وهناك عقد. والعهد يوجد من طرفين تعاهدا على كذا،
لكن قد يستطيع أحدهما العطاء ولا يستطيع الآخر الرد.
والعقد يوجد بين طرفين أيضاً، أحدهما يعطي ويأخذ، والآخر يعطي ويأخذ.
{والصابرين فِي البأسآء والضراء}
البأساء هو البؤس والفقر، وهذا في الأحوال، نقول: فلان حاله بائس.
{والضراء} هي الألم والوجع والمرض، هي تصيب البدن والجسد.
{وَحِينَ البأس} أي حين الحرب عندما يلتقي المقاتل بالعدو ويصبر ويصمد ليقاتل. إذن صفة الصبر تناولت ثلاثة أمور:
في البأساء، أي في الفقر، وفي المرض، وفي الحرب مع العدو، صابر في كل هذه الأمور.
ولذلك جاء في الحديث الشريف:
«ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كَفّرَ الله بها عنه حتى الشوكة يُشاكها»
ويقول الحق عن الذين دخلوا إلى رحاب البر:
{أولئك الذين صَدَقُواْ}
ف {مَنْ آمَنَ بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وَآتَى المال على حُبِّهِ ذَوِي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسآئلين وَفِي الرقاب وَأَقَامَ الصلاة وَآتَى الزكاة والموفون بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ والصابرين فِي البأسآء والضراء وَحِينَ البأس أولئك الذين صَدَقُواْ} . ماذا تعني صدقوا؟
الصدق هو مطابقة النسبة الكلامية للواقع الفعلي.
وأولئك صدقوا في إعلان إيمانهم، وواقع حركتهم في الحياة، وصدق قولهم:
«لا إله إلا الله محمد رسول الله» .
إذن فصدق إيمانك متوقف على أن تكون حركة حياتك مناسبة لمقتضيات إيمانك. فإن آمنت وأسلمت وجاءت حركة حياتك مناقضة لإعلان إسلامك،
نقول: أنت غير صادق، ولكن إذا وجدت صفات الإيمان في إنسان
نقول له: لقد صدقت في إيمانك، لأن حركة حياتك انسجمت مع واقعك الإيماني.
وما أكثر الناس الذين يقولون ولا يفعلون، وهم منسوبون إلى الإسلام بالكلام.
وما نتيجة صدق المؤمنين؟ يجيبنا الحق بوصفهم: {وأولئك هُمُ المتقون} .

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات قوصاد :: المنتديات الإسلامية :: قوصاد القرآن الكريم-
انتقل الى:  
عداد الزوار
زوار المنتدى منذ يوم الجمعة 17-12-2010

free counters
" جميع المواضيع والردود فى المنتدى لاتعبر عن رأي الإدارة بل تعبر عن رأى كاتبها فقط "